بعد 731 يومًا من الإبادة الجماعية.. غزة تنتصر للسلام

إعداد ـ سيد العبيدي
بعد عامين من حرب مدمّرة عاشها سكان قطاع غزة بين القصف والنزوح والحصار والتجويع، أُعلن مساء الخميس عن توقيع اتفاق لوقف الحرب بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، برعاية الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وقطر وتركيا، في إطار مايعرف بـ “خطة الرئيس ترامب لوقف الحرب في غزة وإحلال السلام”.
جاء الاتفاق بعد مفاوضات شاقة استمرت أسابيع، سعت خلالها الأطراف الراعية إلى إنهاء واحدة من أطول وأعنف جولات الصراع التي اندلعت بعد معركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023، حيث تم توقيع الاتفاق في مدينة “شرم الشيخ” المصرية بحضور وفود رفيعة من الجانبين، ومشاركة مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، وسط أجواء مشحونة بالتوتر والترقب.
ويشكّل اتفاق “شرم الشيخ” بارقة أمل لمليوني إنسان أنهكتهم الحرب في غزة، لكنه في الوقت نفسه أثار مخاوف عميقة من إمكانية عودة العمليات العسكرية في حال تنصل الاحتلال من التزاماته تجاه بنود الاتفاق التي تنص على وقف إطلاق النار الكامل، وإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود، وانسحاب القوات الصهيونية من القطاع، إضافة إلى تنفيذ عملية تبادل للأسرى بين الجانبين.
كما يمثل الاتفاق، نقطة تحول محتملة في مسار الأزمة، خاصة مع دخول أطراف إقليمية جديدة على خط الوساطة، ما يمنح الاتفاق ثقلًا سياسيًا قد يساهم في استمراره. غير أن تجارب السنوات الماضية تدفع الفلسطينيين إلى التريث، إدراكًا بأن الطريق نحو سلام دائم لا يزال محفوفًا بالتحديات، وأن اختبار التنفيذ هو الضمانة الحقيقية لأي تهدئة قادمة.
ترامب: وقف إطلاق النار سيصمد
إلى ذلك أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن ثقته بأن وقف إطلاق النار في غزة “سيصمد”، لأن “الاحتلال والمقاومة الفلسطينية قد تعبتا من القتال”. على حسب تعبيره.
وقال ترامب للصحافيين مساء الجمعة “سيصمد. أعتقد أنه سيصمد. جميعهم سئموا من القتال”، مؤكدا أنه سيزور الكيان الصهيوني، ومصر نهاية هذا الأسبوع لحضور مراسم التوقيع على الاتفاق.
وأكد الرئيس الأمريكي أن أسرى الاحتلال الصهيوني لدى المقاومة الفلسطينية”سيعودون” اليوم الاثنين، بمقتضى الاتفاق الذي يتضمن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى من الجانبين وانسحاب الاحتلال من القطاع.
صفقة عظيمة للجميع
وقال الرئيس الأمريكي إن هناك توافقا بشأن المراحل التالية في خطته لغزة، فـ”هذه صفقة عظيمة” للكيان الصهيوني وللعرب والمسلمين، والشرق الأوسط بأسره سينعم بالسلام وليس غزة فحسب. ستتم إعادة بناء غزة، وهناك بلدان غنية عدة ستساعد في ذلك.
وأوضح أن عددا من الزعماء والقادة سيحضرون توقيع اتفاق غزة في مصر و”نعمل على أن يصمد وقف إطلاق النار في غزة وسيستمر”.
إرادة السلام تنتصر على منطق الحرب
وفي السياق قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إن العالم شهد لحظة تاريخية تُجسّد انتصار إرادة السلام على منطق الحرب، من شرم الشيخ، أرض السلام ومهد الحوار والتقارب، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة بعد عامين من المعاناة، وفقًا لخطة السلام التي طرحها الرئيس ترامب، وبرعاية مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار الرئيس المصري إلى أن هذا الاتفاق لا يطوي صفحة حرب فحسب، بل يفتح باب الأمل لشعوب المنطقة في غدٍ تسوده العدالة والاستقرار.
المقاومة توافق على صفقة التبادل
من جهتها وصفت المقاومة الفلسطينية، مفاوضات وقف الحرب بأنها جرت “بمسؤولية وجدية”، وأكدت أن وفدها وفصائل المقاومة الفلسطينية شاركوا في المباحثات في المبادرة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مدينة شرم الشيخ، وذلك بهدف إنهاء “حرب الإبادة” ضد الشعب الفلسطيني.
وأعربت المقاومة عن تقديرها العالي “لجهود الإخوة الوسطاء في مصر وقطر وتركيا”، كما ثمّنت “المساعي التي بذلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب نهائيا وانسحاب الاحتلال الصهيوني بالكامل من قطاع غزة”.
ودعت المقاومة الفلسطينية في بيانها الرئيس ترامب والدول الضامنة للاتفاق، إلى إلزام حكومة الاحتلال بتنفيذ جميع بنود الاتفاق، وعدم السماح لها بالتنصل أو المماطلة في تطبيق التفاهمات التي تم التوصل إليها، كما ناشدت الأطراف العربية والإسلامية والدولية دعم هذا المسار.
ووجّه البيان تحية للشعب الفلسطيني في غزة، والقدس، والضفة الغربية، وفي داخل الوطن وخارجه، مشيدا “ببطولاته وصموده في مواجهة مشاريع الاحتلال الفاشية وتشبثه بحقوقه الوطنية”، مؤكدا أن “هذه التضحيات أفشلت مخططات الاحتلال الرامية إلى الإخضاع والتهجير”.
وأكدت الحركة أن “تضحيات شعبنا لن تذهب هباءً، وسنظل أوفياء للعهد ولن نتخلى عن حقوق شعبنا الوطنية حتى تحقيق الحرية والاستقلال وتقرير المصير”.
صدى وقف إطلاق النار
ميدانيًا، استقبل أهالي قطاع غزة خبر وقف الحرب بفرح ممزوج بالشك. فبينما علت أصوات التكبير في بعض الأحياء المدمّرة، خرجت عائلات تتفقد ما تبقى من منازلها، حاملةً في عيونها سؤالًا واحدًا: هل تكون هذه الهدنة مختلفة عن سابقاتها؟ في شوارع خان يونس وغزة المدينة، بدت آثار الحرب شاخصة في كل زاوية، لكن بين الركام كان الأطفال يرفعون الأعلام ويهتفون للسلام، في مشهد يلخص حجم التناقض بين الألم والأمل الذي يعيشه سكان القطاع.
عودة نصف مليون نازح
إلى ذلك عاد نحو نصف مليون نازح إلى بيوتهم شمال ووسط قطاع غزة عبر شارع الرشيد الساحلي وشارع صلاح الدين، تزامنًا مع انسحاب القوات الصهيونية من غربي محور نتساريم، في وسط القطاع، والأحياء التي توغلت داخلها مؤخرًا في مدينة غزة، وذلك بعد ساعات من دخول الاتفاق حيز التنفيذ في تمام الساعة الثانية عشرة ظهر الجمعة، كما تمكن الأهالي في مدينة غزة من العودة إلى شارع الجلاء، الرابط بين شمال المدينة وجنوبها، ومنطقة مخيم الشاطئ وحي النصر في غربها، فضلًا عن الجزء الغربي من حي الشجاعية، القريب من شارع صلاح الدين.
حصيلة الإبادة تسجل أكثر من 68 ألفًا
من جهتها أعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الصهيوني منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 67.682 شهيدًا و170.033 مصابًا، بينما لا يزال نحو 9 آلاف مفقود تحت الركام. وأضافت الوزارة أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية جثامين 151 شهيدًا، بينهم 116 انتشلوا من تحت الأنقاض، إضافة إلى 72 إصابة جديدة.
وأضافت الوزارة أنه جرى إدراج 320 شهيدًا جديدًا ضمن الإحصائية التراكمية، بعد استكمال بياناتهم واعتمادها من اللجنة القضائية المختصة بملف التبليغات والمفقودين، وذلك عن الفترة من 3 إلى 10 أكتوبر 2025.
وفي سياق متصل، كشفت وزارة الصحة عن استمرار تسجيل وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في مختلف مناطق القطاع، حيث بلغ عدد الشهداء بسبب الجوع 463 شخصًا، من بينهم 157 طفلًا. ومنذ إعلان التصنيف المرحلي للأمن الغذائي (IPC) عن المجاعة رسميًا في غزة، سُجلت 185 حالة وفاة جديدة، بينها 42 طفلًا.
ودعت وزارة الصحة ذوي الشهداء والمفقودين إلى استكمال بياناتهم عبر المنصة الإلكترونية الرسمية لتوثيق الأسماء، مؤكدة أن ذلك يسهم في استكمال السجل الوطني الخاص بضحايا العدوان.
انتشار موسع للشرطة الفلسطينية
وفي السياق قالت المديرية العامة للشرطة في غزة، إن منتسبيها بدأوا في الانتشار بجميع المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال بمحافظات القطاع كافة، للقيام بواجبهم في خدمة المواطنين ومساندتهم والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، مطالبة في بيان، المواطنين بالحذر عند العودة إلى منازلهم من وجود أجسام مشبوهة ومخلفات خطرة وقنابل غير منفجرة، داعية إلى إبلاغ الجهات المختصة لإزالة الخطر بطريقة آمنة.
هدوء في قطاع غزة
إلى ذلك عاش المواطنون في قطاع غزة ليلة هادئة للمرة الأولى منذ أشهر، مع دخول وقف الحرب يومه الثاني، وسط مشاعر متباينة بين الارتياح والحذر، فبعد أشهر طويلة من القصف الصهيوني العنيف والانهيار شبه الكامل لمقومات الحياة، خيّم على أجواء القطاع هدوء نسبي غير مألوف، سمح للأهالي بالتنفس قليلًا بعد أكثر من عامين من الإبادة والتدمير واسع النطاق والقتل الجماعي.
بنود اتفاق شرم الشيخ
وتضمنت المرحلة الأولى من بنود اتفاق “شرم الشيخ” لوقف العدوان على غزة تفاصيل إجراءات وآليات لتنفيذ اتفاق تبادل المحتجزين الصهاينة والأسرى الفلسطينيين، بهدف العودة إلى الهدوء المستدام وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار بين الطرفين.
ونص البند الأول، المتعلق بالاستعدادات للمرحلة الثانية من الاتفاق، على التوصل إلى توافق نهائي لتنفيذ اتفاق 27 مايو 2024 لتبادل الرهائن والأسرى. في حين أشار البند الثاني إلى انسحاب القوات الصهيونية شرقًا من المناطق المكتظة بالسكان على طول حدود قطاع غزة، بما في ذلك وادي غزة، “محور نتساريم ودوار الكويت”، على أن تعيد القوات الصهيونية انتشارها في محيط 700 متر، باستثناء 5 نقاط محددة ستزيد بما لا يتجاوز 40 مترًا إضافية، يحددها الجانب الصهيوني جنوب وغرب الحدود. وسيتم ذلك بناءً على الخرائط المتفق عليها بين الجانبين وسترفق بالاتفاق.
أما البند الثالث المتعلق بتبادل الأسرى، فنص على إطلاق سراح 9 رهائن من المرضى والجرحى من قائمة الـ 33 مقابل إطلاق سراح 110 سجناء فلسطينيين محكومين بالمؤبد. كما سيطلق الاحتلال سراح ألف معتقل من غزة أوقفوا بعد 8 أكتوبر 2023 ولم يشاركوا في أحداث 7 أكتوبر 2023. كذلك نص البند على فئة كبار السن من الرجال فوق الـ 50 عامًا، من ضمن قائمة الـ 33، الذين سيتم إطلاق سراحهم.
محور فيلادلفيا ومعبر رفح
بينما تطرق البند الرابع إلى محور فيلادلفيا، ونص على قيام الجانب الصهيوني بخفض القوات تدريجيًا في منطقة المر خلال المرحلة الأولى، وفقًا للخرائط المتفق عليها والاتفاق بين الجانبين. وأشار إلى أنه بعد إطلاق سراح آخر رهينة من المرحلة الأولى، في اليوم 42، تبدأ القوات الصهيونية انسحابها وتستكمله بما لا يتجاوز اليوم الـ 50.
أما كل ما يتعلق بمعبر رفح، فأوضحه البند الخامس، إذ أشار إلى أن المعبر سيكون جاهزًا لنقل المدنيين والجرحى بعد إطلاق سراح جميع النساء (المدنيات والمجندات). وسيعمل الاحتلال الصهيوني على تجهيز المعبر فور توقيع الاتفاق.
كما ستعيد القوات الصهيونية انتشارها حول معبر رفح وفقًا للخرائط المرفقة. وسيسمح بعبور 50 فردًا من العسكريين الجرحى يوميًا برفقة 3 أفراد مع الحصول على موافقة مصر والكيان الصهيوني. كذلك سيتم تشغيل المعبر استنادًا إلى مشاورات أغسطس 2024 مع مصر. إلى ذلك، نص البند السادس على خروج المرضى والجرحى المدنيين عبر معبر رفح، وفقًا للبند 12 من اتفاق 27 مايو 2024.
عودة النازحين دون سلاح
فيما نص البند السابع على عودة النازحين داخليًا دون حمل السلاح (محور نتساريم)، على أساس اتفاق 27 مايو 2024، وأفاد بأنه سيسمح في اليوم السابع، للنازحين داخليًا المشاة بالعودة شمالًا، دون حمل السلاح ودون تفتيش عبر شارع الرشيد. وفي اليوم الـ 22، سيسمح لهم بالعودة شمالًا من شارع صلاح الدين أيضًا دون تفتيش.
كذلك سيتم في اليوم السابع السماح للمركبات بالعودة شمال محور نتساريم بعد فحصها من قبل شركة خاصة يتم تحديدها من قبل الوسطاء بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي، وبناءً على آلية متفق عليها. في حين تضمن البند الثامن بروتوكول المساعدات الإنسانية، حيث سيتم توزيعها استنادًا للبروتوكول الإنساني الذي تم الاتفاق عليه تحت إشراف الوسطاء.
فريق مشترك لمراقبة وقف الحرب
وأشارت مصادر مصرية مطلعة إلى أن فريقًا مشتركًا يضم مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة فضلا عن ممثلين عن المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، سيعمل ضمن غرفة عمليات مشتركة لضمان تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، ما يمنع أي احتكاك أو خلاف قد يفجر الوضع، وفق ما نقلت وسائل إعلام مصرية.
قمة إنهاء الحرب في غزة
حول ذلك، تستضيف مصر اليوم الاثنين قمة دولية في شرم الشيخ، لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يهدف إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وذلك بمشاركة قادة دول ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وقطر والإمارات والأردن وتركيا والسعودية وباكستان وإندونيسيا وإسبانيا وإيران.
ومن المتوقع أن تسهم القمة في حشد دعم دولي إضافي لخطة ترامب للسلام في غزة، في ظل بقاء قضايا صعبة عالقة تتعلق بحكم غزة ما بعد الحرب والأمن وإعادة الإعمار. وأوضح المتحدث باسم الرئاسة المصرية، في بيان، أن القمة سيشارك فيها أكثر من 20 زعيما، منهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
مؤتمر الفصائل الفلسطينية
ومن المقرر أن تستضيف العاصمة المصرية القاهرة، خلال الأيام المقبلة، حوارًا وطنيًا فلسطينيًا شاملًا لمناقشة مستقبل القطاع بعد توقيع اتفاق وقف النار في غزة. فيما أكدت مصادر فلسطينية أن المؤتمر سيجمع غالبية الفصائل الفلسطينية، من ضمنها حركتا “فتح حماس”.
وأضافت أن القاهرة بدأت الترتيب والتحضير لهذا المؤتمر لتحديد مستقبل قطاع غزة، وإنهاء الانقسام وترتيبات اليوم التالي لوقف الحرب في القطاع، وبحث القضايا المرتبطة بمستقبل القضية الفلسطينية.
كما أشارت المصادر إلى أن المشاركين سيناقشون أيضًا ترتيب الأوضاع داخل الفصائل وعلى رأسها حماس، وكذلك منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة تأهيل السلطة بما يتناسب مع طبيعة المرحلة المقبلة، والتوصل إلى صيغة توافق بين الفصائل تسمح بعمل جماعي يساعد على معالجة الأوضاع الإنسانية والخدمية داخل القطاع.
من جهته أكد حسام بدران، رئيس مكتب العلاقات الوطنية في حركة حماس وعضو المكتب السياسي، أن الحركة تحرص على حوار وطني شامل في القاهرة لبحث كافة التفاصيل المتعلقة باتفاق وقف الحرب وخطة المستقبل، لضمان توافق الجميع على الخطوات والمراحل القادمة. واعتبر أن أي قرار فلسطيني يجب أن يعبر عن وحدة الموقف ويشمل كافة الفصائل والنخب والشعب الفلسطيني.
وقال اللواء محمد المصري، رئيس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية، إن مؤتمر القاهرة لن يناقش هيكل الهيئة الإدارية التي ستحكم غزة بعد انتهاء الحرب، لأنه تم الاتفاق سابقًا بين مصر والسلطة الفلسطينية والفصائل حول الأسماء التي ستنضم للهيئة. وقال: “هناك 15 اسمًا من التكنوقراط الفلسطينيين المقيمين في غزة سيشاركون في تلك الهيئة، ويشرف عليهم الدكتور ماجد أبو رمضان نائب رئيس الوزراء الفلسطيني ووزير الصحة”، كما أضاف في تصريحات صحفية أن “موضوع سلاح المقاومة الفلسطينية طُرح في إطار تحرّك دبلوماسي وعربي أوسع خلال مؤتمر عُقد في نيويورك، شاركت فيه نحو 22 دولة، بالإضافة إلى تركيا وقطر، باعتبارهما دولتين لهما صلات وتأثير بالقضية الفلسطينية”.
تجميد سلاح المقاومة
وأوضح أن النقاش المتوقع في مؤتمر القاهرة يتضمن اقتراحات لتجميد السلاح أو وضعه في مستودعات محددة تحت إشراف مصري أو عربي أو بآليات إشرافية تضم فلسطينيين والسلطة، لكنه أشار إلى أن هذه المقترحات لا تزال قيد النقاش.
أما فيما يتعلق بمستقبل قطاع غزة، فقال المصري إن القرار النهائي يجب أن يكون بيد الفلسطينيين أنفسهم، معتبرًا أن “أي خطط خارجية ستظل ضعيفة التأثير إن لم تحظَ بموافقة الفلسطينيين”. وأكد أن الدول العربية تتعامل رسميًا مع الشرعية الفلسطينية المتمثلة في السلطة الوطنية ورئيسها محمود عباس. وأوضح أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ودعمها من دول مثل السعودية وفرنسا وبريطانيا وأستراليا يمثل دعمًا سياسيًا قويًا للسلطة ويقوّي موقفها.
إلى ذلك، أشار إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وضع خريطة طريق للفترة المقبلة، تتضمن إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية بعد عام من وقف الحرب على غزة، مضيفًا أن كل مرشح يجب أن يلتزم بالبرنامج السياسي لمنظمة التحرير والاتفاقات والقرارات الدولية، لأن الاعتراف الدولي لا يقبل الاعتراف الجزئي أو الانتقائي.
وختم اللواء المصري بالتأكيد على أن “الفلسطينيين لا بد أن يلتفوا ويلتقوا تحت العباءة العربية، وأي فصيل يريد الحكم في غزة أو الضفة يجب أن يخضع لاتفاق سياسي تقرره قيادة منتخبة”.
مكاسب وخسائر “طوفان الأقصى”
في ضوء وقف الحرب عاد الحديث بقوة لاسيما عبر إعلام الرجعية العربية الانهزامية حول معركة “طوفان الأقصى” وما حققته من مكاسب وخسائر. فمن أبرز المكاسب كشف عورة الاحتلال وإظهار أنه نمر من ورق، وفضح “أسطورة الجيش الذي لا يقهر”، فلولا الدعم الأمريكي والغربي وتواطؤ جهات أخرى مع الاحتلال؛ لانتهى أمره، فضلًا عن إعادة قضية فلسطين إلى الساحة العالمية. كذلك عززت مكاسب المعركة بالقوة التي بات عليها الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني وجيشه رغم الدمار الهائل وضخامة أعداد الشهداء والجرحى في غزة، وذلك بعد اعترافهم بمقتل أكثر من 2352 صهيونيًا من الجيش والشرطة والمستوطنين منهم 1200 في اليوم الأول للمعركة وخلال المعارك في غزة.
خسارة ورقة الإعلام
ولعل من أبرز المكاسب التي تحققت بفضل “طوفان الأقصى” هي “معركة الصورة”، فبعدما كان “الاحتلال” يوظف الإعلام الغربي لصالحه ويستمر في الكذب وشيطنة المقاومة؛ زاد التعاطف الشعبي الدولي ونجحت غزة في إيصال صوتها لكل مكان، وباتت المظاهرات لا تنقطع لدعم فلسطين في أوروبا وأمريكا، وهو ما دفع “الكيان الصهيوني” إلى شراء المؤثرين على مواقع التواصل، وتوظيف شركات الدعاية لتحسين صورتها المتدهورة كدولة إبادة عنصرية وقتلة، حتى إن صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية كشفت، في 6 أكتوبر 2025م، أن حكومة الاحتلال خصصت أكثر من نصف مليار شيكل “نحو 145 مليون دولار” في ميزانيتها للتأثير على وسائل التواصل الاجتماعي و(ChatGPT) وجعله يدافع عنها.
وكشف المعركة عنصرية وازدواجية الإعلام الغربي وتبعيته لـ”الصهاينة” واللوبيات اليهودية المؤثرة، حين ظهر انحياز الإعلام الغربي ونقله عن الإعلام “الصهيوني” قصصًا وهمية هدفها تبرير إبادة غزة. وسلط موقع “ريسبونسيبول ستيت كرافت” الضوء على سياسة وزارة الخارجية “الصهيونية” التي جندت شبابًا أمريكيين “مؤثرين يسمون “أنفلونسرز” للعمل لتلميع صورتها والدفاع عنها مقابل 7 آلاف دولار للمنشور الواحد.
الطوفان والعلاقة بين أمريكا والاحتلال
وكان من أهم مزايا “طوفان الأقصى” أنها هدمت العلاقة بين “الكيان الصهيوني” والشعب الأمريكي “لا الحكومة” وأصبح الأمريكيون يدركون من هم هؤلاء القتلة الذين يمتصون دماءهم ويعيشون عالة على بلادهم ويتحكمون فيمن يحكمونهم، ويطالبون بإسقاط هيمنة “الاحتلال” على صناعة القرار الأمريكي، ولأول مرة يتجرأ نواب من الكونغرس من داعمي ترامب و”إسرائيل”، منهم مارغوري تايلور جرين، والمذيعون، مثل تاكر كارلسون، على المطالبة بفض العلاقة المشبوهة بين حكومتهم أمريكا وهذه الدولة المارقة “إسرائيل” التي تبتزهم وتسيطر على ساسة أمريكا وتنهب خيرات الأمريكيين.
عودة القضية ووقف التطبيع
ونجحت معركة “طوفان الأقصى” في عودة القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث العالمية بعد أن كاد يطويها النسيان، وزيادة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولأول مرة تعترف بها 5 دول أوروبية دفعة واحدة؛ ليصل مجموع من يعترف بها 152 دولة، ومطالبة الجميع بدولة للشعب الفلسطيني، كذلك وقف قطار التطبيع الذي كان منطلقًا قبل “طوفان الأقصى” بين “الاحتلال” والعديد من العواصم العربية والإسلامية، وتحول دول عربية كانت على وشك الوقوع في فخ التطبيع إلى أكبر معارض للتطبيع، إضافة إلى فضح نوايا العدو تجاه الدول العربية والإسلامية بعد حديث نتنياهو وأعضاء حكومته المتطرفين بشأن أكذوبة “إسرائيل الكبرى”، ما دفع دولا عدة على رأسها مصر وتركيا إلى ممارسة دور أكبر في غزة والعالم وتحجيم نفوذ الاحتلال.
خسائر الاحتلال الاقتصادية
وكان اقتصاد “إسرائيل” أكثر من تضرر من “طوفان الأقصى” بسبب تكاليف الحرب الباهظة التي بلغت في عامين منذ 7 أكتوبر 2023م” أكثر من 21.7 مليار دولار، وفق مشروع “تكاليف الحرب” في كلية واتسون للشؤون الدولية والعامة بجامعة براون، وتدهور اقتصادها وانهيار مصانعها بفعل المقاطعة.
فقد بلغت تكلفة الحرب المبكرة “أو أول أيامها” 27 مليار شيكل “7 مليارات دولار” حسب “بنك إسرائيل” بسبب تعبئة الاحتياط واستدعاء مئات الآلاف من الجنود وتكاليف أخرى مرتبطة بالحرب. وبلغت الخسائر الاقتصادية الإجمالية بين 30 – 50 مليار شيكل “8-13 مليار دولار” بما فيها نفقات عسكرية، وتعويضات، وأضرار بممتلكات المستوطنات، وأضرار بالطيران، وتجارة، وإغلاق مطارات، وتراجع السياحة.
خسائر معركة “طوفان الأقصى”
أما الخسائر فترجع بالدرجة الأولى إلى خذلان العالم لغزة والمقاومة، وحشد اللوبي الصهيوني الإعلام الغربي لفرض رؤيته وسرديته المضللة وإبادة غزة والدعوة إلى فرض خطط لتسليم سلاح المقاومة الفلسطينية. وفيما يخص عدد الشهداء فإن طبيعة الحرب ينتج عنها ضحايا وشهداء، لكن المقاومة لم تتصور حجم الغل والعدوانية الصهيونية المدعومة بآلة الحرب الأمريكية والأوروبية، وحجم القتل العشوائي والتدمير والتباهي بهذه المجازر والمذابح.
والأخطر أن المقاومة لم تتصور حجم الخيانة التي قوبلت بها “طوفان الأقصى” من جانب بعض العرب والصمت العالمي على الجرائم التي تفوق ما فعله هتلر مئات المرات، وبسببه تعاظمت خسائر غزة والمقاومة واشتد الحصار على الشعب في غزة.
كان تدمير قطاع غزة أبشع وأكثر هذه الخسائر تأثيرًا؛ ما دفع البعض إلى اعتبار أن معركة “طوفان الأقصى” كانت “خطأ” رغم أنها عملية مباركة استهدفت هز الوجدان العربي والإسلامي والعالمي وإيقاف المد والعلو الصهيوني في المنطقة.
رحيل قادة المقاومة
أيضًا فقدت المقاومة العديد من قادتها على المستويين السياسي والعسكري بسبب عمليات الاغتيال الصهيونية بدعم أمريكي. وساهم تأخر “محور الممانعة” الذي تقوده إيران في دخول حرب “طوفان الأقصى” في انهياره سريعًا وقتل قادة “حزب الله” وإيران؛ ما انعكس سلبًا على غزة.
ردود الفعل الدولية حول وقف الحرب
وفي سياق ردود الفعل الدولية رحب عدد من قادة البلدان العربية والأوروبية وكندا والهند والأمم المتحدة ومنظمات دولية بـ”الاتفاق التاريخي”، ودعوا إلى الالتزام الكامل والفوري بفقراته. وحث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جميع الأطراف المعنية على الالتزام الكامل بفقرات اتفاق وقف إطلاق النار، وقال إنه يجب إطلاق كل المحتجزين بطريقة كريمة وضمان وقف دائم لإطلاق النار وتوقف القتال نهائيا. كما دعا غوتيريش إلى ضمان دخول الإمدادات الإنسانية والمواد التجارية الأساسية إلى قطاع غزة فورا ودون عوائق.
ورحبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالاتفاق، مشيدة بالجهود الدبلوماسية التي تبذلها الولايات المتحدة، وقطر ومصر وتركيا. وحثت فون دير لاين، في منشور على منصة إكس، جميع الأطراف على الالتزام الكامل ببنود الاتفاق، بما في ذلك إطلاق سراح جميع المحتجزين بسلام، وصولا إلى إرساء وقف إطلاق نار دائم، وإنهاء المعاناة. وقالت إن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعمه لإيصال المساعدات إلى غزة، وهو على أهبة الاستعداد للمساعدة في إعادة الإعمار.
إنجاز دبلوماسي كبير
وبدورها، وصفت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس الاتفاق بأنه “إنجاز دبلوماسي كبير”، لافتة إلى أن الاتحاد الأوروبي سيبذل قصارى جهده لدعم تنفيذه.
واعتبرت كالاس أن موافقة حركة المقاومة والاحتلال على المرحلة الأولى من الاتفاق، تُمثل تقدما مهما وفرصة حقيقية لإنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع المحتجزين.
وبينما دعا ستارمر جميع الأطراف إلى الوفاء بالالتزامات التي قطعتها وإنهاء الحرب، طالب بالرفع الفوري لجميع القيود على المساعدات إلى قطاع غزة بالتزامن مع تنفيذ الاتفاق.
بينما رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاتفاق وبجهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والقطريين والمصريين والأتراك، لتحقيقه، شدد على ضرورة أن يشكل نهاية للحرب وبداية لحل سياسي قائم على حل الدولتين. ودعا ماكرون كل الأطراف إلى الالتزام الصارم بفقرات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
خطوة نحو تحقيق السلام
وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إن “برلين لا تزال تراقب الوضع بشأن اتفاق غزة، لكنها واثقة من التوصل إلى حلٍّ هذا الأسبوع”. واعتبر وزير الخارجية يوهان فاديفول أن الاتفاق على المرحلة الأولى يمهد الطريق لإطلاق المحتجزين والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وأعرب عن استعداد برلين لدعم الخطوات اللاحقة الرامية إلى تحقيق السلام في المنطقة.
من جهته شدد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس على وجوب فعل كل شيء لتطبيق الاتفاق في غزة، وطالب حكومة نتنياهو بوضع حد للإبادة بحق الفلسطينيين واتخاذ خطوات حقيقية نحو سلام نهائي. واعتبر ألباريس السلام النهائي مشروطا بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطين.
وأبدت روسيا على لسان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، دعمها للاتفاق بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال بشأن المرحلة الأولى بهدف إنهاء الصراع في غزة.
فرصة لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط
وقالت رئيسة وزراء إيطاليا جورجا ميلوني إن “الاتفاق على تنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب ومسارها الأوسع يشكلان فرصة لإنهاء الصراع”. ووصف وزير الخارجية أنطونيو تاياني الاتفاق بأنه “أخبار سارة” قادمة من الشرق الأوسط، وعبّر عن استعداد بلاده للمشاركة في إعادة إعمار غزة وإرسال قوات إذا ما شُكلت قوة حفظ سلام دولية.
كما أبدى وزير خارجية بلجيكا ماكسيم بريفو ترحيب بلاده بالاتفاق، وقال إنه خطوة حاسمة نحو وقف إطلاق النار لا سيما لإنهاء الحصار وإطلاق سراح المحتجزين.
وأعرب بريفو عن دعم بلاده جهود الوساطة التي تبذلها قطر ومصر والولايات المتحدة وتركيا والشركاء الإقليميون.
ورحبت هولندا على لسان وزير خارجيتها بالاتفاق، قائلة إنه خطوة مهمة، وإن التنفيذ الكامل أمر حيوي.
العمل من أجل سلام دائم
ورأى رئيس وزراء النرويج يوناس غار ستوره في الاتفاق، أملا في إنهاء المعاناة بالرغم من “بقاء الكثير من العمل”، في حين أبدى وزير الخارجية إسبن بارث إيدي تفاؤلا حذرا بشأن الاتفاق، واستدرك بأن الاتفاق يجب أن يحظى بترحيب حار.
وأشاد ستوره بقطر ومصر وتركيا لمساهماتها القيمة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة، مبديا استعداده للمشاركة في العمل من أجل سلام دائم وحياة كريمة للفلسطينيين والصهاينة.
ورحب رئيس وزراء السويد أولف كريسترسون بالاتفاق بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، وأعرب عن تقدير بلاده لجهود قطر ومصر وتركيا للتوصل إلى هذا الاتفاق الضروري. وأكد كريسترسون على وجوب اقتران الاتفاق بمساعدات إنسانية كاملة إلى غزة، ووقف دائم لإطلاق النار.
واعتبر وزير خارجية الدانمارك لارس لوكا راسموسن أن اتفاق غزة خطوة أولى، وهناك ما يدعو إلى التفاؤل بشأن مزيد من الاتفاقيات في المستقبل. وقال إن إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار وتوفير مزيد من المساعدات الإنسانية لغزة أمر إيجابي.
مراقبة اتفاق وقف الحرب
وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن سعادة بلاده بتمخض المفاوضات التي “أسهمت فيها أنقرة” عن اتفاق وقف إطلاق النار، وقال إن تركيا ستراقب من كثب التنفيذ الصارم للاتفاق وستواصل الإسهام في العملية.
وأشادت وزارة الخارجية بجهود قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية التي توسطت في مفاوضات وقف إطلاق النار، وأعربت عن أملها في أن يسهم زخم هذه المفاوضات في التوصل إلى حل الدولتين في الفترة المقبلة.
ورحب رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز بالاتفاق، قائلا إن هذه الخطوة تمثل تقدما ضروريا نحو السلام، ودعا جميع الأطراف إلى احترام فقرات خطة ترامب.
من جانبه، هنأ رئيس الوزراء الكندي مارك كارني ترامب على قيادته، وشكر قطر ومصر وتركيا على جهودها الدؤوبة لدعم المفاوضات. ودعا كارني جميع الأطراف إلى التنفيذ السريع لجميع الشروط المتفق عليها، والعمل من أجل سلام عادل ودائم.
حل عادل للقضية الفلسطينية
وأمَلت الصين، بدورها، تحقيق وقف إطلاق نار دائم وشامل في غزة في أسرع وقت ممكن، وأعربت عن استعدادها للعمل مع المجتمع الدولي للتوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية.
وأبدى رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي ترحيبه بالاتفاق على المرحلة الأولى من “خطة ترامب للسلام”، وعبر عن أمله أن يؤدي إطلاق سراح الأسرى وتعزيز المساعدات الإنسانية لسكان غزة إلى تمهيد الطريق لسلام دائم.