الشعار ومسافة الواقع

بقلم/ خليفة احواس
لا فرق لدي بين فكرة لا تجد طريقها للتطبيق ونسبة تلك الفكرة لغير صاحبها، الفكرة تنتجها العقول المتفتحة ومختبرها الواقع، وحينما تخرج من تربتها لن تنمو حتما، ديمقراطية بحاضنة قبلية، استمراء الحديث عن شعار ترفيه في مجتمع مثل (ليبيا) يفتقر إلى السيادة وليس إلى الحرية، مؤسسات الحرية سقفها السيادة وتصفها صكوكهم الدولية بأنها (مصدر السلطات)، لكن بغياب المصدر تكون السلطات مجرد عبث لا فصل بينها ولا تواصل، بل كوكتيل عجيب يستجيب لمتطلبات السيطرة ومبررات الهيمنة.
أظن أن الإغراق في جدل عقيم في مجتمع عاجز عن الفعل مجرد عبث للإطالة الأزمة، وأعتقد كذلك أن زعم ملكية الفكرة قبليا والذود عنها من هذا المنطلق هو عبث يخدم ذات الأغراض، الجدل السفسطائي والتغني بأحداث بدون دليل هو سبيل لتحقيق ذات الأغراض الممنهجة كل بطريقته، النضال ليس كلمات مرصوصة وهواجس مكبوتة وبطولات وهمية، النضال هو العمل وسط الناس والإحساس بمعاناتهم ومقارعة أماكن النكوص في الواقع، النضال هو الانتماءللناس فرادى وليس زرافات، آحادا، وليس قبائل حينما تعجز تتغنى بتاريخ الأجداد أو ببعض بطولات الأفراد الذين ضحوا من أجل قضايا وهم الذين ضحوا بالوطن وهو الشاهد على نكوصهم، المحصلة دعونا من كثبان الماضي والسير بها إلى التفكير مليا في سبيل للخلاص وليس إلى صيغة للتمركز حول السلطة وتنفي الوطن.
ليبيا بحاجة إلى وعي حقيقي وليس مزيفا، بحاجة إلى بطولات وليس بالتغني ببطولات الغابرين والمزايدة بها، ليبيا بحاجة إلى الانخراط بتيار عنوانه الوطن وبلا شروط وأحلام الحنين للماضي، لنجعل إرثنا وقودنا لصياغة معادلة التحرر وليس الانكفاء على صفحات التقاطع الاجتماعي والاكتفاء باستعراض المخزون اللغوي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
ليبيا في غوط الباطل ما لم نلتف حول جيشها المنافح عن سيادتها ونضع شروطنا لا شروطهم، شروطنا التي تضمن استعادة السيادة وليست شروطهم التي تنفيها بوسائل مختلفة.