في حضرة ميكروفون الإخوان

بقلم / عفاف الفرجاني
منذ أن أطلت قناة ليبيا الأحرار على المشهد الإعلامي، وهي تحمل في باطن رسالتها نوايا لا تمت بصلة إلى حرية الكلمة، ولا إلى شرف المهنة. فالقناة التي ظهرت بواجهة وطنية وشعار منمق باسم الحرية، كانت في حقيقتها الذراع الإعلامي الأخطر لتنظيم الإخوان المسلمين، والمحرّك الخفي لموجات التحريض والانقسام بين أبناء الوطن الواحد.
خرجت لنا هذه القناة على خلفية المهنية ومبدأ التنوير، بل كانت ماهيتها منهجا مدروسا في تفتيت النسيج الوطني عبر بثّ خطاب الكراهية وتلميع وجوه الإرهاب السياسي، فكل ما تبثه يخضع لأجندة تخدم مشروعًا أيديولوجيًا خارجيًا يتغذى من أزمات ليبيا. في كل أزمة، تتبدل الوجوه ولا يتغير الخطاب، يلوّنون الحقائق ويقلبون الوقائع، حتى باتت القناة مختبرًا يوميًا لتزييف الوعي الجمعي وتخدير البسطاء بشعارات جوفاء عن الثورة والحرية والعدالة.
لقد تجاوزت ليبيا الأحرار دورها كمنصة إعلامية إلى كونها أداة صراع، تقاتل بالميكروفون عوضًا عن السلاح، وتستنزف الوعي الوطني كما تستنزف الحرب الدماء. فكل فقرة في نشرة تُبثّ من استديوهاتها الممولة تُزرع فيها رسائل سياسية خبيثة بعناية، تمهّد الطريق للفتن الداخلية وتؤجج روح العداء داخل الوطن الواحد.
ورغم انكشافها أمام الرأي العام، ما زالت القناة تصرّ على تمثيل نفسها كصوت للحرية، بينما هي في الواقع أداة لاغتيال الحقيقة وتكميم صوت الوطن. فمن يمول هذا الخطاب ليس سوى قوى إقليمية تبحث عن موطئ قدم داخل ليبيا، عبر نافذة إعلامية تتاجر بالشعارات وتخون الواقع.
الإعلام الحر لا يتلون بأجندة الخارج، ولا يقتات على الفوضى. أما هذه القناة فقد اختارت أن تكون خنجرًا في خاصرة ليبيا، تنفخ في رماد الصراعات وتغذّي كل انقسام باسم المهنية، وهي أبعد ما تكون عنها.
إن الحل لا يكون في الصمت ولا في المقاطعة وحدها، بل في تأسيس إعلام وطني ناضج يُموَّل من الداخل ويعمل بعقل الدولة لا بعواطف الفصائل الدينيّة المؤدلجة. إعلام يملك مشروعًا ثقافيًا يواجه التزييف بالحقيقة، والتحريض بالوعي، والفتنة بالمصداقية. فمواجهة ليبيا الأحرار ليست بحجب شاشتها، بل بخلق بديل يرتفع فوق مستواها، وهذا لن يحدث إلا بثورة فكرية تهدم عروش حكومة الاحتلال الجهوي وتأسر بندقية المجرم.