مقالات الرأي

بداية سقوط عروش الرجعية!!

بقلم/ ناصر سعيد

تعيش الساحة المغربية هذه الأيام على وقع حراك شعبي غير مسبوق، تتجاوز دلالاته الحدود الوطنية لتفتح الباب أمام تساؤلات كبرى عن مستقبل المنطقة العربية بأكملها. فانتفاضة المغرب ليست مجرد احتجاج اجتماعي، بل تعبيرا عن وعي جمعي جديد يربط بين الفقر والتبعية، بين الخبز والكرامة، وبين الوطن والسيادة، في هذا السياق، تأتي هذه المقالة لتحلل أبعاد الانتفاضة المغربية في إطارها القومي العربي، وترى فيها بداية محتملة لتحول عميق في الوعي الشعبي العربي وموازين القوى في المنطقة.

ما يجري اليوم في المغرب ليس حدثًا عابرًا، بل علامة فارقة في مسار الشعوب العربية التي تبدأ مجددًا معركة التحرر بعد سنوات من الصمت والانكسار، فانتفاضة الشعب المغربي لم تندلع من فراغ، بل جاءت نتيجة تراكم طويل من التبعية والفساد والإفقار، ومن انسداد الأفق أمام أجيال عانت التهميش والبطالة وضياع الكرامة، إنها لحظة وعي جماعي تتجاوز المطالب المعيشية لتضع السؤال السياسي في صميم الصراع: لمن تكون السيادة، للشعب أم للوصاية الأجنبية؟

لقد ربط النظام الملكي مصير المغرب بالمصالح الأمريكية والصهيونية، متخليًا عن قضايا الأمة ومصالح شعبه، فبدل أن يكون المغرب جزءًا من جبهة المقاومة العربية، تحوّل إلى بوابة للتطبيع العلني مع العدو الصهيوني، في وقت تُقصف فيه غزة وتُستباح فيه فلسطين، هذه السياسات لم تكتفِ بتمزيق النسيج الوطني، بل جعلت المغرب ساحة مفتوحة للمشاريع الأجنبية التي تستهدف وحدة الأمة وكرامتها.

ما تشهده المدن المغربية من حراك شعبي متصاعد هو تعبير واضح عن رفض شامل لنهج العمالة والتبعية، وعن إرادة متجددة لاستعادة القرار الوطني المستقل، لم يعد الصمت ممكنًا أمام نظام يغلق الأبواب في وجه الشباب، ويفتحها أمام الصهاينة والشركات الأجنبية، ويقايض السيادة بالوصاية مقابل دعم خارجي زائل.

إن سقوط هذا النظام، إنْ تحقق بفعل هذه الانتفاضة، لن يكون شأنًا محليًا فحسب، بل بداية تحوّل عربي عميق، فاهتزاز أحد عروش الرجعية يعني انكسار حاجز الخوف، وعودة الوعي إلى الشعوب التي صبرت طويلًا على الاستبداد والتطبيع والفساد، سيشكّل ذلك رسالة إلى كل الأنظمة المطبّعة بأن زمن الخضوع قد انتهى، وأن الشعوب قادرة على كسر قيودها مهما طال القهر.

الانتفاضة المغربية اليوم هي صرخة الأمة بأكملها ضد الإذلال والنهب والخيانة، هي إعلان بأن الكرامة لا تُشترى، وأن الوعي الشعبي الذي يتشكل في شوارع الرباط والدار البيضاء وطنجة، هو امتداد لروح المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن وكل أرض عربية تقاوم الاحتلال والهيمنة. إنها ليست احتجاجًا على الفقر فحسب، بل ثورة على واقع التبعية، وعلى نظام جعل من بلاده أداة في خدمة الأجنبي، وإذا ما استمر هذا الزخم الشعبي واتجه نحو التنظيم والوعي، فإن المغرب سيكون الشرارة التي تعيد للأمة ثقتها بنفسها، وتفتح الباب أمام عهد عربي جديد عنوانه الحرية والسيادة والكرامة.

زر الذهاب إلى الأعلى