إشكالية تكرار الإعلانات القضائية

بقلم/ غادة الصيد
تعد الإعلانات القضائية الأداة الإجرائية التي تضمنه، فهي تعلم المدعي عليه بوجود دعوى ضده، وتمكنه من الحضور وتقديم دفوعه.
ورغم أن القانون يكتفي بضرورة إعلان واحد صحيح، إلا أن الممارسات القضائية قد تحول هذه الأداة من وسيلة لضمان العدالة إلي عائق أمامها، ففي كثير من الأحيان تصبح الإعلانات المتكررة سببا رئيسيا في إطالة أمد التقاضي، لسنوات طويلة، وهو ما يخالف مبدأ العدالة الناجزة ويقلل من فاعلية الأحكام.
تبدأ رحلة التقاضي بقرار المحكمة في الجلسة الأولى بإعلان المدعى عليه، لكن هذه الخطوة لا تكتمل، في المرة الأولى بسبب الممارسات المتبعة، حيث غالبا ما نعطي في الجلسة الثانية فرصة جديدة للمدعي لتنفيذ الإعلان، وتليها جلسة ثالثة يصدر فيها قرار بإعلان المدعى عليه إعلانا صحيحا، وقد يؤدي غياب القاضي أو تأجيل الجلسات لأسباب مختلفة إلى إعادة الإجراءات مرة أخرى.
فهذا التكرار المفرط لا يقتصر على الإعلانات فقط، بل يمتد ليشمل منح فرص الرد والتعقيب. فبعد قرار المحكمة بصحة الإعلان تبدأ جولة أخرى من التأجيلات لمنح المدعى عليه فرصة للاطلاع ثم لتقديم مستنداته ودفاعه ثم تمكين المدعي من الرد على ما قدمه المدعى عليه، ومن ثم تمكين المدعى عليه من الرد. كل جلسة من هذه الجلسات يفصلها وقت طويل، ما يزيد من أمد النزاع، وهذ النمط من الإجراءات له تداعيات خطيرة تتجاوزه مجرد التأخير الزمني، فهي تؤدي إلى إرهاق المتقاضين وخاصة المدعي حيث يتحمل عبئا نفسيا وماليا كبيرا بسبب التردد المتواصل على المحاكم ودفع الرسوم على مدار سنوات ما قد يفقده الأمل في الحصول على حقه. كما أنه يخل بمبدأ العدالة الناجزة، فالعدالة تفقد قيمتها حين تأتي متأخرة خاصة في القضايا المستعجلة مما يقلل من ثقة الجمهور في قدرة القضاء على تحقيق العدالة بسرعة وكفاءة ويخلق شعورا بالإحباط لدى المواطنين. إن تحقيق العدالة يتطلب ليس فقط إصدار أحكام عادلة، بل وأيضا الوصول إليها في وقت معقول، وهو ما يستدعي إصلاحا حقيقيا في الإجراءات القضائية لخدمة المتقاضين بشكل أفضل.