لم يبق من المختار سوى العملة ويوم عطلة

بقلم/ نجمي الصاوط
حين نتامل واقعنا اليوم، لا يسعنا الا ان نقف وقفة صادقة مع التاريخ، مع التضحيات التي قدمها اجدادنا، وفي مقدمتهم شيخ الشهداء عمر المختار. الرجل الذي تجاوز عمره السبعين وهو يحمل بندقيته، يقود معارك شرسة ضد اقوى امبراطوريات العالم انذاك، لم يكن يبحث عن منصب او جاه، بل عن كرامة وطن وارادة شعب.
لكن، وبكل اسف، ما تبقى لنا من تلك الحقبة العظيمة هو صورة الشيخ على ورقة نقدية، ويوم عطلة في تقويم الدولة. وكأن جهاد اكثر من عشرين عاما، ودماء الاف الشهداء، يمكن اختزالهما في رمزين شكليين بلا اثر فعلي في حياة الناس.
اليس من المخزي ان تصبح بلادنا اليوم ساحة مفتوحة لكل الاجناس، تتنازعها التدخلات الاجنبية، ويعبث بها كل من هب ودب؟ اين ذهبت السيادة التي دفع المختار حياته ثمنا لها؟ واين اختفت القيم التي رسخها جيل المقاومة في مواجهة المحتل؟
المختار لم يضح ليخلد اسمه على عملة، بل ضحى ليعيش الشعب عزيزا حرا على ارضه. وما أحوجنا اليوم الى ان نعيد قراءة تاريخه لا كحكاية بطولية من الماضي، بل كدرس عملي للحاضر. فالوطن لا يصان بالشعارات ولا بالعطلات الرسمية، بل بالفعل والإرادة ووحدة الصف.
ان استحضار سيرة المختار ليس مجرد وفاء للتاريخ، بل هو دعوة لمراجعة الذات: هل حافظنا على العهد؟ هل نعلم ابناءنا ان الوطن امانة؟ ام تركنا دماء الشهداء تضيع في دوامة الصراعات والارتهان للخارج؟
المختار قالها يوما: “نحن لن نستسلم، ننتصر او نموت”، فهل ما زال صدى كلماته يعيش فينا، ام صار مجرد شعار نردده في المناسبات؟