مقالات الرأي

في وطني.. بين جمال الطبيعة ومرارة الواقع

بقلم/ سيف البي

في وطني كل شيء؛ النخيل الشامخ، والأشجار المثمرة، والجبال المهيبة، والشواطئ المنعشة، جغرافيا متنوعة تمتد من أقصى الشرق إلى أبعد نقطة في الغرب، ومن الجنوب الذي يعانق بحر الرمال إلى الشمال الذي يحتضن البحر المتوسط. في الشمال بياض البشرة، وفي الجنوب سمار يزداد جمالًا.

في وطني ترتفع أصوات الصوامع تنادي للصلاة، وتفخر أطيافه ببلد المليون حافظ للقرآن. لكن في وطني أيضًا، الموت يرعب ساكنيه، يقطع أوصالهم، يلتهم بيوتهم، ويسرق ممتلكاتهم. هنا، تغيب الفرحة، ويعلو لهيب الدخان، وتتسلل الغربان فتسيطر وتدمر باسم الدين.

في وطني حكومتان تتنافسان على خدمة المواطن، لكن الطرق ما زالت مظلمة، والبيوت تعاني برد الشتاء وحر الصيف. في وطني سياسيون بالفطرة، وأكاديميون بلا ممارسة، وأطباء بلا معدات ولا دواء، فيه الثأر والدم والقبيلة والصراع، وفيه الكلمة قد تكلِّف حياتك، والفكرة قد تنفيك بعيدًا.

في وطني المزايدون كُثُر، والمطبلون أكثر، والهادئون الذين يبتعدون عن الفوضى هم الغالبية الصامتة. في وطني انهزمت الأفكار وضاع العلم، وسيطرت الميليشيات، وأصبح السلاح هو المشرِّع والحَكَم. في وطني المرتب يبحث عن أصحابه، والحياة البسيطة أضحت رفاهية. البترول يتدفق لكن يبحث عن مُصدِّر، والجريمة.. ذكرى عابرة اندثرت في القيم والأخلاق التي نحلم بعودتها.

في وطني تناقضات، وفي الأفق سؤال معلَّق: متى تتركون وطني؟

زر الذهاب إلى الأعلى