رياضة وأشياء أخرى

بقلم/ عبدالسلام محمد إسماعيل
تتزايد أهمية الرياضة بالنسبة إلى شعوب الأرض بصورة مطردة، وتتعاظم أهميتها ليس فقط بالنسبة إلى مزاوليها، بل أيضًا بالنسبة إلى المؤسسات الرياضية، وبالنسبة إلى الدول أيضًا. فبعد أن كان التنافس الرياضي يتمحور حول التشويق والمنافسة والفوز والصحة الجسدية والعقلية لممارسيها بوصفها رياضة هواة، أصبحت الرياضة الاحترافية ترتكز على عناصر جديدة، بدونها لا تستطيع الاستمرار يومًا واحدًا. فالرياضة الاحترافية تعتمد على عمليات التسويق التجاري والإعلانات والبيع والشراء بغية تحقيق الأرباح المادية إلى جانب الفوز في المنافسات الرياضية، وأي فشل في الجوانب التجارية للرياضة سوف ينعكس وجوبًا بالفشل على المنافسة الرياضية.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الرياضة الاحترافية تعد من أدوات الدبلوماسية الناعمة، ووسيلة للدعاية للدول والتعريف بثقافة شعوبها.
عطفًا على استكمال ماراثون الدوري الليبي لكرة القدم واختتام آخر حلقاته على ملاعب مدينة ميلانو الإيطالية والتتويج المستحق لفريق الأهلي طرابلس الرياضي الثقافي الاجتماعي، كان لزامًا علينا التوقف لوهلة للنظر في حال كرة القدم والرياضة عمومًا في ليبيا.
بعدما أُغلقت أبواب لعبة كرة القدم للهواة في ليبيا، مازالت رياضة كرة القدم الاحترافية تتلمس طريقها، ومازالت تتخبط وتهرول في مكانها، سواء على مستوى الرياضيين المطالبين بعقود احترافية وبمبالغ مالية ضخمة دون التقيد بالواجبات التي يفرضها عليهم وضعهم الاحترافي، أم على مستوى إدارة بعض الفرق، حيث يتربع بعض الجهلة والمتخلفين وعديمي الأخلاق على مقاعد إدارة هذا الفريق أو ذاك، طمعًا في المال ومزيد من الشهرة، أو على مستوى إدارة اتحاد اللعبة الذي قدّم لنا أسوأ صور الفشل، حيث كان من الممكن في أي وقت أن تتوقف المنافسة وتفشل البطولة، لولا جهود بعض الخيرين الذين أنقذوا المنافسة في آخر اللحظات.
أخطر ما تواجهه الرياضة الليبية، وخصوصًا كرة القدم باعتبارها الرياضة الأكثر متابعة جماهيرية، تلك المتعلقة بالتوظيف والاستغلال السياسي. حيث يروق للبعض التملق لهذا الفريق واستعداء الآخر، طمعًا في كسب تأييد الجماهير المناصرة له. لا شك أن هذه الأفعال التي يقوم بها السياسيون تُبعد المنافسة الرياضية عن قيمها الحقة وتخلق الضغينة بين مناصري الفرق المختلفة وتعمّق الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد، فبعد أن كانت الرياضة وسيلة للمنافسة الشريفة والتعارف والتواصل بين أبناء الوطن، أصبحت بفعل التدخلات السياسية أداة للتفريق والحقد والكراهية.
على السياسيين أن يكفوا أيديهم ويوقفوا تدخلهم البغيض في الرياضة، ويكتفوا بدعم كل الفرق الليبية، من أجل نقل منصات التتويج من المنافسات المحلية إلى المنافسات القارية، ولِمَ لا إلى المنافسات الدولية.
ألف مبروك لفريق الأهلي، وحظًّا أوفر لباقي الفرق الأخرى.