مقالات الرأي

صحة وحياة كبارنا وقدوتنا

بقلم/ علي المبروك أبوقرين

خلال المائة عام الماضية ارتفع متوسط العمر في ليبيا بنحو 38–40 عامًا، من 35 سنة إلى 77 سنة، وهذا نتيجة التحولات الصحية والاقتصادية والاجتماعية، ويعود ذلك إلى الرعاية الصحية الشاملة المجانية، والتوعية الصحية المجتمعية، والتعليم الإلزامي والعالي المجاني، وبرامج محو الأمية التي حققت معدل 97٪، وتحسين مستوى المعيشة والتغذية والسكن الصحي والحماية الاجتماعية، وانخفاض معدلات الوفيات المبكرة وعند الأطفال. وللأسف تعيش البلاد الآن واقعًا صحيًا واجتماعيًا صعبًا، في وقت لا يوجد فيه نظام صحي عادل، أو تتوفر شبكات حماية اجتماعية فعّالة، والفئات المتقدمة في السن والذين قدموا الكثير للوطن تُركوا في مواجهة مصاعب الحياة بلا سند، بما يستوجب اتخاذ ما يلزم من أجل الحفاظ على كبار القدر من آبائنا الأفاضل وأمهاتنا الفضليات العفيفات:

ضرورة رفع المعاشات الضمانية والتقاعدية على قاعدة تتناسب مع الحد الأدنى للمعيشة، والغلاء الفاحش، وانعدام الخدمات الصحية والاجتماعية.

ضرورة الدعم النقدي للفئات الهشة وكبار القدر (السن) ذوي الدخل المحدود.

توفير التموين الغذائي الصحي، وأدوية الأمراض المزمنة بالمجان.

إنشاء مراكز اجتماعية راقية تتوفر فيها البيئات المعيشية الصحية المتكاملة، بما يضمن الخصوصية والكرامة والرعاية الشاملة، وتقديم الخدمات الإيوائية العالية الجودة، والخدمات النهارية في كل الأحياء.

توفير برامج دائمة ومستمرة للدعم النفسي والخدمات الثقافية والترفيهية.

برامج صحية متكاملة وفردية، والكشف الدوري، ومتابعة خطط العلاج والتأهيل.

تخصيص عيادات متخصصة ومؤهلة لهذه الفئات بجميع مراكز الرعاية الصحية الأولية.

الزيارات المنزلية الطبية المنتظمة للمرضى غير القادرين على الانتقال.

مراجعة دورية على الأدوية المستخدمة لضمان جودتها وسلامتها وصحة مصدرها وتاريخ صلاحيتها وجرعاتها.

علاج جميع الأمراض المزمنة والنفسية والأورام على نفقة الدولة داخل البلاد وخارجها.

توفير كل الاحتياجات اللازمة من التجهيزات التعويضية التي تساعد المرضى في شتى أمور حياتهم.

توفير جميع المستلزمات الطبية والصحية بالمجان.

تدريب الأسرة أو المرافقين على رعاية كبار القدر (السن) نفسيًا وبدنيًا.

تشجيع العمل التطوعي لخدمة كبار القدر.

ضرورة وجود بياناتٍ وإحصاءاتٍ دقيقةٍ عن هذه الفئات العزيزة لتحديد الاحتياجات اللازمة بدقة.

دمج قضايا كبار القدر في الخطط التنموية والسياسات الصحية والاجتماعية.

تعزيز مفهوم المسؤولية الأسرية والمجتمعية من خلال الإعلام والتعليم والخطاب الديني والبرامج الثقافية.

إصدار تشريعات تلزم المؤسسات الصحية الخاصة بتقديم خدمات مجانية أو بمنح خصومات مجزية.

إصدار قانون صارم يجرم إهمال كبار السن (القدر) من قبل الأبناء أو أفراد الأسرة.

كل نظام صحي لا يضمن كرامة من شاب شعره في خدمة وطنه هو نظام بلا روح ولا قيمة.

إن آباءنا وأمهاتنا ليسوا عبئًا بل هم تاريخٌ يمشي بيننا وذاكرةٌ تحكي بصمتها أعمق الدروس والتجارب، والبر لا يتوقف بوفاتهما. فكيف يكون لمن لا زال بيننا يئنّ بصمت؟ بعض من أهلنا وأحبابنا الغاليين علينا امتدت أعمارهم، ولكن للأسف امتدت معهم أمراضهم، والرعاية الصحية الكاملة لهم حقٌ مكفول وواجِب.

كبارنا لا يريدون منا الشفقة، بل يريدون الاحترام والرعاية والوجود الحقيقي حولهم.
قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يوقر كبيرنا».

زر الذهاب إلى الأعلى