الرئيسيةمقالات الرأي

سلاح المقاومة

بقلم/ سيد العبيدي:

منذ نكبة فلسطين عام 1948، لم تتوقف مقاومة الاحتلال على مختلف الجبهات وبكافة الوسائل والأدوات، ورفضت الشعوب العربية الخضوع أو الاستسلام، تمامًا كما رفضت جميع مشاريع التطبيع مع العدو.

ورغم ضعف الإمكانات المادية والعسكرية آنذاك، كانت الحكومات العربية أكثر صلابة في مواجهة الضغوط الغربية والتغييرات الجغرافية التي فرضت على المنطقة. خاضت مصر، وإلى جانبها الأشقاء العرب، حروبًا عدة دفاعًا عن الأرض والكرامة، ولم ترفع الحكومات راية الاستسلام، ولم تصمت الشعوب، ولم تهدأ الثورات، ولم تُسلَّم البنادق.

هذه الروح الراسخة في وجدان الأمة من المحيط إلى الخليج لم تقبل بغير تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وطرد العصابات الصهيونية التي جاءت من شتات الأمم على ظهر الدبابات البريطانية لفرض واقع جديد بالقوة على شعوب المنطقة. حينها، برزت المقاومة كحق شرعي للدفاع عن النفس والأرض والكرامة.

واليوم، وبعد عقود من الكفاح المسلح وتضحيات لا تحصى من دماء الشهداء الذين ارتقوا في سبيل الحرية، نشهد – إلى جانب صمتٍ مخزٍ – ضغوطًا من بعض الحكومات العربية على المقاومة في لبنان وغزة للتنازل وتسليم السلاح ورفع راية الاستسلام للعدو، دون قيد أو شرط. ولا أحد يدري كيف تحوّلنا من زمن الصمود إلى هذا الواقع المليء بالذل والانكسار!

إن ما يجري اليوم، بعد موجة التطبيع والتحولات الفكرية التي شوّهت عقول بعض الأنظمة، لم يعد مجرد تفريط في السيادة العربية أو محاولة لصناعة سلام عادل، خاصة وأن العدو لا يؤمن بلغة السلام ولا يحترمها. ما يجري هو استسلامٌ غير مشروط، يهدف في جوهره إلى طمس الهوية العربية والإسلامية لصالح عدو مجرم غارق في دماء الأطفال.

فمن يضمن ألا تجتاح إسرائيل لبنان بعد نزع سلاح حزب الله؟ ومن يضمن ألا تصل إلى قلب دمشق؟ الإجابة يعرفها الجميع: لا أحد. فالاحتلال الإسرائيلي بات فوق القانون الدولي وكافة قرارات الشرعية الدولية، لا يحترم معاهدات ولا اتفاقيات، ولا يعرف سوى لغة القوة.

وبدلًا من الضغط على المقاومة التي دفعت ثمنًا باهظًا من الدماء، الأجدر هو مقاطعة الولايات المتحدة، الراعي الأول لإسرائيل وداعمها الأكبر، والتي تقف معها في قتل شعوب المنطقة، بينما تلتزم بعض الأنظمة العربية بدفع الجزية والانصياع للأوامر الغربية دون نقاش.

زر الذهاب إلى الأعلى