مقالات الرأي

شكرًا لكم على إعادة الدرس 

بقلم/ ناجي إبراهيم

لا نحتاج إلى إيجاد مفهوم للإرهاب إجرائيًّا ونحن نراه يتجسد في أبشع صوره في غزة وكامل فلسطين على يد عصابات الهجانة ويجد الدعم والتأييد من دول لها سوابق في ممارسته في جميع أنحاء العالم وكانت سببًا في إبادة شعوب بأكملها بأكثر الأسلحة فتكًا ودمارًا. 

من غير المتوقع أن نجد إدانة للإرهاب الذي ترتكبه العصابات الصهيونية في فلسطين من دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي استخدمت القنابل الذرية في الحرب العالمية الثانية ضد اليابان وقتلت مئات الآلاف من المدنيين وخلفت آثارا بيئية ستستمر لآلاف السنين، وقصفت المدن الفيتنامية بالقنابل المحرمة دوليًا، ومارست أبشع الجرائم في العراق وأفغانستان، ولن تدين بريطانيا جرائم الصهيونية وهي من أعطى الحق لهم في دولة ومكنتهم من فلسطين في تجاهل تام وكامل للأعراف والقوانين والشرائع الدولية والسماوية، وكانت سببًا فيما نراه ونشهده من قتل ودمار وخراب عمره تجاوز السبعين عامًا، لا يوقف القتل من كان سببًا فيه، ولن ينصر الحق من كان نصيرا للباطل، ولا تغركم بعض التصريحات التي تدغدغ عواطف بعض الناس التي هالها ما شهدته وما تشهده من مشاهد تدمي القلب، ولا تعدو هذه التصريحات إلا استثمارا انتخابيا يستقطب أصوات هذه الكتلة الانتخابية أو تلك في منافسات غير شريفة على سلطة لن تتجاوز حدود ما رسمته الدولة العميقة، التي لم تتحول عن أطماعها القديمة في الهيمنة والسيطرة على العالم حتى بالقتل وبممارسة الجرائم الأكثر قذارة ووحشية.

الحديث عن حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية منزوعة السلاح وغير محددة الجغرافيا، لا نعتبره دعمًا لقضية الشعب الفلسطيني بقدر ما يعتبر ترسيخا للاحتلال الصهيوني بفلسطين من البحر إلى النهر وتدويرا للاحتلال، ويبطل قرارات الأمم المتحدة 242 و338 ومحاولة لتجديد المشروعات الاستعمارية القديمة من بوابة ( الشرق الأوسط) الذي نراه يتشكل وفق المشروع الذي طرحته (كونداليزا رايس) من خلال الفوضى الخلاقة لإضعاف الدول المحيطة بالكيان الصهيوني وتجريدها من كل أسباب القوى لتصبح غير قادرة على مواجهة التمدد الصهيوني.

الدعوات المصحوبة لحل الدولتين والتي طرحت بمبادرة سعودية فرنسية قبل يومين في مقر الأمم المتحدة تدعو لتفكيك المنظمات الفلسطينية وحزب الله وتجريدها من السلاح، لم تتحدث عن تفكيك سلاح الكيان الصهيوني لا يمكن إلا أن تكون هذه الدعوات محاولة أخرى للقضاء على أي حلم لقيام الدولة الفلسطينية، ونفخًا في جسد الكيان الصهيوني الذي بدأ ينهار أمام ضربات المقاومة عقب طوفان الأقصى وصمود الشعب الفلسطيني الذي أخاف مؤسسات صنع القرار في عواصم الغرب الاستعماري والتي لم تخف يومًا أن وجود دولة الكيان الصهيوني العنصري في منطقة الشرق الأوسط هو مصلحة استعمارية، لن تساوم عليها وستواجه كل التحديات التي تشكل تهديدًا له. لذلك فإن دغدغة عواطفنا بتبني مشروع الدولتين هو محاولة أخرى وجديدة لمعاودة زرع نفس النبتة التي زرعها قبل ثمانية عقود.

كيف يمكن لدولة غير معلومة الحدود ومنزوعة السلاح أن تعيش بجانب دولة تمتلك السلاح النووي؟

هم يعلمون ويدركون ومن خلال ماضيهم الاستعماري وتجاربهم أن لا شيء يجهض مشاريعهم ويفشلها ويقوضها إلا مقاومة الشعوب إذا امتلكت الوعي وبعضا من القوة والإرادة على مواجهتهم، ولذلك يسعون بشتى الطرق والوسائل التي تجنبهم الدخول في صدام معها فيذهبون إلى مشاريع سياسية تحفظ مصالحهم وتجنبهم تكاليف لا يستطيعون تحملها إذا دخلوا في مواجهة مسلحة مع الشعوب، ويلجؤون إلى إعادة تدوير أدواتهم القديمة من خلال إنتاج نظم حاكمة تقوم بالدفاع عن مصالحهم وخدمة مشاريعهم، وستكون أقل كلفة من تدخلهم المباشر في مواجهات غير محسوبة النتائج وهو ما يجعلهم يدعمون سلطة رام الله وتحويلها إلى حارس للكيان في مواجهة أي تحد أمني يتعرض له ويحاولون استنساخ تجربة (لحد) في غزة ليصبح الشرطي الذي يحمي المصالح الصهيونية والاستعمارية في غزة.

إذا ما علمنا أن الربيع العربي قد سهل لهم وفتح شهيتهم لتنصيب الكارازيات والمالكيين في كل العواصم التي اجتاحها ما سمي بالربيع، ومثل عودة منخفضة التكاليف للاستعمار إلى دول ومناطق غادرها على يد مقاومة الشعوب في زمن امتلكت فيها الإيمان والإرادة وحطمت أحلام المستعمرين.

الشعوب اليوم باتت أكثر وعيا بسياسات الدول الاستعمارية الغربية وصارت قادرة على تطوير وسائل مقاومتها وفضح مخططاتهم، ولن تفلح الدوائر الاستعمارية التي تحاول أن تعود إلى مناطق نفوذها القديمة إلا من خلال سياسات التزوير ولي الحقائق واللعب بالمفاهيم والاستخدام المزدوج لها.

المواجهات في أوكرانيا دفاع عن السيادة والاستقلال، والمقاومة في فلسطين ولبنان إرهاب يهدد الأمن والسلم، كيف نستطيع أن نثق فيهم وهم يستخدمون نفس المفهوم بتفسيرين متناقضين إلا في إطار فهمنا بغاياتهم وأهدافهم، أعمال المقاومة تصبح إرهابا إذا كانت تهدد مصالحهم، ومتى كانت خدمة لها صارت مشروعة ودفاعا عن الناس، نقول لهم قد كبرنا وتعلمنا الدرس وشكرا لكم على إعادة نفس الدروس لنكون أكثر وعيا وأكثر قدرة وتصميما على فضحكم ومواجهتكم وإفشال مشاريعكم.

زر الذهاب إلى الأعلى