مقالات الرأي

غزة الموت بطعم الدم والجوع 

بقلم/ د. علي المبروك أبو قرين

ما يقرب من السنتين وغزة تتعرض لأبشع جرائم الحرب، دُمرت كل البيوت على رؤوس ساكنيها، ودُمرت معظم المستشفيات والمراكز الصحية على رؤوس المرضى والجرحى والأطباء والتمريض والعاملين الصحيين، والكوادر الطبية تموت من الجوع مع مرضاها، ومئات سيارات الإسعاف والدفاع المدني يتم قصفها بمن فيها، وتم تدمير المخابز والأسواق، وآبار المياه ومحطات الصرف الصحي، ومراكز الإيواء ومخازن الأونروا، وجُرفت كل الأراضي الزراعية وجميع الطرق، وتشرد في العراء أكثر من مليونين وربع من السكان، ونزحوا عشرات المرات، وتحولت غزة لمقبرة كل دقيقة تشيع شهداء، وجحيم يتساقط عليها جوا وبحرا وبرا، وأكثر من مليونين نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وربع مليون يواجهون جوعا قاتلا، واحتمالية الموت الجماعي إذا لم يتم التدخل العاجل، و900.000 طفل يعانون الجوع بينهم 90.000 مصابون بسوء التغذية، وأكثر من 90% من الحوامل والمرضعات يعانون من سوء التغذية الحاد، ومعرضات للمجاعة القاتلة، وفي العراء والنزوح المتكرر تعيش أكثر من 50.000 حامل، ويولد يوميا أكثر من 160 طفلا وسط أوضاع مزرية، ونقص حاد في الغذاء والماء والدواء، والأطفال أشلاء من لم يمت بالقصف مات بالجوع أو المرض أو بجميعهم، ونقص الغذاء والماء والدواء ساهم في نشر الأمراض المعدية الخطيرة، والمزمنة المعقدة، والأمراض النفسية وخصوصًا في الأطفال، والولادات المبكرة في الشارع بلا أدوات ولا كوادر طبية، والوضع في غزة كارثي ويتفاقم بسبب الحصار المطبق ومنع دخول المساعدات الإنسانية، والقصف المستمر بكل الأسلحة التدمرية.

غزة تتعرض لكل أصناف الإبادة والتطهير العرقي، وتُرتكب في حق السكان المدنيين كل جرائم الحرب باستخدام كل الوسائل الحربية التدمرية، والتجويع الممنهج على مرأى ومسمع العالم كله، دون أي تدخل دولي يحمي السكان المدنيين والمستشفيات والأطقم الطبية والإسعافية والإغاثية، رغم وجود القانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف الأربع، والبروتوكولات الإضافية، واتفاقية جنيف الرابعة، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذين يحظرون تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، ويحظرون تدمير أو تعطيل المواد الأساسية لبقاء السكان على قيد الحياة وبصحة وعافية، ومنها الغذاء والماء والدواء والزراعة، وحماية المنشآت الصحية والعاملين في المجالات الطبية والإنسانية، وأي استهداف لهم يعتبر جريمة حرب مكتملة الأركان.

لكل إنسان الحق في الحياة ويجب حمايته بموجب القانون، وللوضع الكارثي وغير المسبوق وما تشهده غزة من إبادة جماعية، نناشد العالم والإنسانية التدخل السريع والرفع الفوري والكلي للحصار، وإدخال الغذاء والماء والدواء والتطعيمات، وتوفير فرق الإسعاف والكوادر الطبية، ودعم المستشفيات والمراكز الصحية ومراكز الإصلاح الغذائي والتغذية العلاجية.

إن الجوع يمحو الحياة تدريجيًا من الأطراف إلى القلب، وسوء التغذية يسلب كل يوم شيئًا من الحياة، والطعام في غزة أصبح أمنية، والماء حلما، والحياة ترفا. 

أطفال غزة يموتون لأن بطونهم خاوية وضمائر العالم ميتة.

زر الذهاب إلى الأعلى