مقالات الرأي

إضاءات قانونية حول أحكام الوظيفة والموظف

بقلم/ أسماء الفسي

ذكرنا في المقال السابق بعضًا من الحقوق المعنوية للموظف، وعلى رأسها الإجازات، وعدَّدنا أنواع الإجازات التي يحق للموظف التمتُّع بها خلال حياته الوظيفية. ونستكمل في هذا المقال أنواعًا أخرى من الإجازات، منها إجازة الأمومة، حيث نصَّ قانون علاقات العمل في الفقرة الأولى من المادة 25 على أحقية المرأة العاملة أو الموظفة في إجازة أمومة بمقابل، أي بمرتب كامل، مدتها أربعة عشر أسبوعًا، وذلك عند تقديم المرأة شهادة طبية تبيِّن التاريخ المحتمل للولادة. وتتضمَّن هذه الإجازة فترة إلزامية بعد الوضع لا تقل عن ستة أسابيع، وتمتد إلى ستة عشر أسبوعًا إذا أنجبت أكثر من طفل. والغرض الأساسي من هذه الإجازة هو توفير الراحة الكاملة للمرأة والطفل، وهو ما أكدته الاتفاقيات الدولية وقبلها الدساتير.

وعليه، فلا يحق للمرأة القيام بأي عمل آخر خلال هذه الفترة، فإن ثبت أنها تعمل لدى أي جهة أخرى، حتى دون عقد، سواء قبل الوضع أو بعده، سقط حقها في الإجازة. كما أن المشرِّع، كما تناوله بعض فقهاء القانون الإداري، أراد من إقرار هذا النوع من الإجازات تمكين المرأة العاملة من الراحة قبل وبعد الولادة للعناية بصحتها وصحة الجنين أولًا، ثم رعاية المولود بعد الولادة. وهذه الإجازة تُعينها كذلك على استعادة نشاطها واستئناف عملها بحيوية. وقد استرشد المشرِّع في قانون علاقات العمل عند تقنين هذا النوع من الإجازات بما ورد في قانون الضمان الاجتماعي رقم 13 لسنة 1980، وتحديدًا في المادة 25 منه. ومن جانب آخر، ولتفادي أي تمييز أو تعسف ضد المرأة، نصَّ القانون على بطلان كل قرار بفصل المرأة الموظفة أثناء الحمل أو الولادة، حمايةً لوضعها الصحي في تلك المرحلة الحرجة.

أما بخصوص الإجازات الخاصة بدون مرتب، فهي من الحقوق المعنوية التي نص عليها المشرِّع أيضًا، كحق للعامل أو الموظف، إذ قد يضطر للانقطاع عن عمله لأسباب اجتماعية أو دراسية أو مهنية أو صحية، وقد تكون هذه الأسباب غير متعلقة مباشرة بطبيعة الوظيفة التي يشغلها، كأن يكون مرافقًا لأحد أقاربه في سفر أو علاج أو دراسة. ولذا رأى المشرِّع ضرورة تنظيم هذا النوع من الإجازات، فجاءت المادة 35 من قانون علاقات العمل لتجيز لجهة العمل، بقرار منها، منح الموظف إجازة خاصة بدون مرتب في حالات محددة، وبالشروط التي تبيِّنها اللائحة التنفيذية لقانون العمل.

وتُمنح هذه الإجازة في حالات، منها أن يُرخص للزوج أو الزوجة بالسفر للخارج، شريطة ألا تتجاوز مدة الإجازة المدة المرخص بها. وتُمنح أيضًا لأغراض العلاج، سواء للزوج أو الزوجة أو الأبناء أو الوالدين، كما يمكن منحها لأسباب أخرى يبديها الموظف وتقدِّرها جهة العمل. وقد اشترط القانون ألا تقل مدة الإجازة عن شهرين، ولا تزيد على سنة، إلا إذا كانت الإجازة ممنوحة لغرض الدراسة أو العمل، ففي هذه الحالة تكون قابلة للتجديد.

وباستقراء النصوص، يتَّضح أن منح الإجازة الخاصة بدون مرتب ليس وجوبيًّا على جهة الإدارة، بل جوازيًّا، أي أن الإدارة تملك السلطة التقديرية في قبول أو رفض طلب الإجازة بحسب ما تراه محققًا للصالح العام، ووفقًا لضرورة سير المرفق العام بانتظام. ويُشار هنا إلى أن هذه الإجازة لا تدخل ضمن مدة الخدمة التي تُحسب لأغراض الإجازات السنوية أو غيرها، وإذا تجاوزت مدتها سنتين، فإنها لا تُحتسب كذلك ضمن المدة المستحقة للترقية أو العلاوة السنوية.

زر الذهاب إلى الأعلى