ملفات وتقارير

هدنة غزة.. مفاوضات بلا نتائج !!

الكيان الصهيوني يضع عراقيل أمام إتمام صفقة تبادل الأسرى ووقف حرب الإبادة الجماعية

تقرير – سيد العبيدي
تتواصل مفاوضات وقف إطلاق النار غير المباشرة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، في العاصمة القطرية الدوحة، دون تحقيق نتائج جادة من شأنها إقرار الصفقة ووقف حرب الإبادة الجماعية المستمرة على المدنيين في قطاع غزة منذ قرابة العامين.
وكانت المحادثات غير المباشرة قد انطلقت الأحد الموافق 6 يوليو في الدوحة، وسط اتهامات من قبل المقاومة الفلسطينية للكيان الصهيوني بوضع عراقيل أمام إتمام صفقة وقف الحرب، في ظل حديث أمريكي متفائل عن انفراجة بالمحادثات واتفاق “قريب” خلال “أيام قليلة” دون الإعلان عن موعد محدد لإبرام الهدنة.
وتقول تقارير صحفية إن الآمال كانت مرتفعة في وقت سابق من الأسبوع الماضي بشأن قرب التوصل إلى اتفاق هدنة مؤقتة، خاصة مع وصول نتنياهو إلى واشنطن في 7 يوليو، بالتزامن مع انطلاق محادثات متقدمة في العاصمة القطرية الدوحة، إلا أن اجتماعين بين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يسفرا عن أي تقدم ملموس على الرغم من تصريحات ترامب بأنه سيكون “حازمًا للغاية” مع ضيفه في سبيل إنهاء الحرب.
وتشير التقارير إلى أن المفاوضين اتفقوا مبدئيًّا على هدنة تمتد لـ60 يومًا تتضمن إطلاق نصف الأسرى الخمسين المحتجزين في غزة – ويعتقد أن نحو 20 منهم ما زالوا على قيد الحياة، مقابل إفراج الاحتلال عن ألف أسير فلسطيني. وخلال هذه الفترة ستجرى مفاوضات لتثبيت وقف دائم لإطلاق النار، إلا أن الخلافات ما زالت قائمة أبرزها إصرار الكيان الصهيوني على نزع سلاح المقاومة الفلسطينية بالكامل مقابل مطالب الحركة بضمانات دولية لوقف دائم للحرب والسماح بدخول المساعدات الإنسانية لغزة.


مضمون الصفقة المقترحة
ينص الاقتراح المدعوم من الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا على إطلاق سراح تدريجي للأسرى الصهاينة المحتجزين في غزة، وانسحاب قوات الاحتلال الصهيونية من أجزاء من القطاع ومناقشات لإنهاء الحرب تمامًا.
ورغم أن التفاصيل الدقيقة للصفقة المقترحة لم تنشر، بدا من ملامحها التي سربت أنها محاولة لتجاوز بعض الخلافات بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني، وتشمل الصفقة، جدولًا زمنيًّا لإطلاق سراح 10 رهائن صهاينة أحياء والإفراج عن رفات 18 آخرين على مدى ستين يومًا.
كما ينص المقترح على إفراج الاحتلال الصهيوني عن عدد غير محدد من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، كذلك سحب الاحتلال قواته من مواقع متفق عليها مسبقًا في شمال غزة، بالتزامن مع انطلاق مفاوضات بين المقاومة الفلسطينية والكيان لوقف إطلاق نار دائم بمجرد دخول الهدنة الأولية حيز التنفيذ.
كما ينص المقترح الأمريكي على الشروع في إدخال المساعدات الإنسانية الدولية إلى قطاع غزة فور بدء وقف إطلاق النار بين الجانبين.


نتنياهو يعود إلى الكيان دون نتائج
إلى ذلك عاد رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بنيامين نتنياهو إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة دون التوصل إلى اتفاق هدنة في غزة، وشهدت الزيارة الثالثة لنتنياهو إلى واشنطن منذ تنصيب الرئيس دونالد ترامب، لقاءات رفيعة المستوى، لكنها لم تفضِ إلى نتائج ملموسة بشأن إبرام اتفاق وقف إطلاق نار.
ورغم تصريحات نتنياهو المتفائلة بإمكانية إعلان هدنة خلال أيام، ظلت العقبات تحول دون التقدم، والمفاوضات في الدوحة، التي كان يُفترض أن تُكلل باتفاق، توقفت بعد تأجيل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف زيارته إلى قطر، وتركزت الخلافات على مدى انسحاب القوات الصهيونية من غزة بعد إطلاق سراح بعض الرهائن، والخريطة الأولية التي قدمها الاحتلال، والتي منحتها سيطرة على مناطق واسعة في القطاع، قوبلت برفض أمريكي، مما دفع الكيان إلى إعادة صياغتها لتكون أكثر قبولًا.


أسباب تعثر المفاوضات
في المقابل، أشارت المقاومة الفلسطينية إلى خلافات إضافية، تشمل استمرار عمل صندوق غزة الإنساني المدعوم من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، الذي شهد مقتل 798 شخصًا أثناء محاولتهم الوصول إلى مواقعه منذ مايو 2025، وفق الأمم المتحدة، كما تطالب المقاومة بهدنة دائمة، وهو شرط يرفضه الاحتلال، الذي يصر على نزع سلاح المقاومة الفلسطينية وتجريد غزة من السلاح، وقد أشار نتنياهو إلى أن هذه الشروط غير قابلة للتفاوض، وأن الكيان سيلجأ للقوة إذا فشلت الدبلوماسية، وفقًا لصحيفة “الجارديان” البريطانية.


ما لم يؤخذ بالحرب لن يؤخذ بالمفاوضات
وأكدت المقاومة الفلسطينية، أنها عرضت سابقًا التوصل إلى صفقة تبادل شاملة، يتم خلالها الإفراج عن جميع الأسرى دفعة واحدة، مقابل اتفاق يحقق وقفًا دائمًا للعدوان، وانسحابًا شاملًا لجيش الاحتلال، وتدفّقًا حرًا للمساعدات، لكنّ نتنياهو رفض هذا العرض في حينه، ولا يزال يراوغ ويضع المزيد من العراقيل.
وشددت المقاومة الفلسطينية على أنها مستمرة في تعاملها “الإيجابي والمسؤول” في المفاوضات نحو اتفاق يفضي لوقف الحرب مقابل إطلاق سراح أسرى من الجانبين الفلسطيني والصهيوني، وذلك بعد يوم من بيان للمقاومة، أفاد بأن “هناك العديد من النقاط الجوهرية قيد التفاوض في محادثات وقف إطلاق النار الجارية، بما في ذلك تدفق المساعدات، وانسحاب القوات الصهيونية من أراضي القطاع، وتوفير ضمانات حقيقية لوقف دائم لإطلاق النار”.
وتزامن ذلك مع تصريحات صحافية من القيادي في المقاومة، باسم نعيم، أكد خلالها أن ما فشل فيه نتنياهو على مدار 22 شهرًا في الحرب والمجاعة لن يأخذه على طاولة المفاوضات.


ضغوط سياسية لعرقلة الصفقة
على الصعيد الداخلي، يواجه نتنياهو ضغوطًا من ائتلافه اليميني المتطرف، بقيادة وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، الذين يفضلون استمرار الوضع الراهن على أي اتفاق سلام، وفي الوقت ذاته، يحرص نتنياهو على الحفاظ على علاقته مع ترامب، من خلال تأكيدات علنية بأنه يسعى للسلام، بينما يحافظ على سياسات ترضي قاعدته السياسية، وخلال الزيارة، أنتجت اللقاءات صورًا عززت الادعاء الصهيوني بأن العلاقة مع ترامب خالية من الخلافات، رغم تصريحات ترامب السابقة التي عبرت عن إحباطه من الكيان.
وحاولت الولايات المتحدة، عبر وساطة قطرية، سد الفجوات بين الطرفين، مقترحة ضمانات لاستمرار الهدنة بعد 60 يومًا، لكن هذه الجهود لم تكلل بالنجاح، وإدارة ترامب، التي تضغط على الكيان الصهيوني مباشرة عبر نتنياهو ونائبه رون ديرمر، وعلى المقاومة الفلسطينية عبر قطر، لم تحقق اختراقًا، ما يعكس تعقيدات المشهد السياسي.
وتظل مفاوضات غزة عالقة في مأزق، مع مطالب متضاربة وضغوط سياسية داخلية وخارجية، ونتنياهو، الذي يواجه تحديات ائتلافه وتحقيقات داخلية، يسعى لتحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على دعم ترامب وتلبية مطالب ناخبيه.


شروط الكيان من أجل إبرام صفقة
واشترط نتنياهو في مقطع مصور، الخميس، نزع سلاح المقاومة الفلسطينية، وألا تملك قدرات عسكرية، وألا تحكم القطاع، مستبعدًا إمكانية صفقة واحدة بغزة دون ذلك، ولوّح بالعودة للحرب، قائلًا: “إذا أمكن الحصول على ذلك عبر التفاوض، فسيكون ذلك جيدًا، وإلا فسنحصل عليه بوسائل أخرى، بقوة جيشنا البطل”، حسب زعمه.
كما طرح وزير الخارجية الصهيونية، جدعون ساعر، الخميس، في مقابلة مع صحيفة «داي برس» النمساوية، شرطًا آخر لمستقبل المفاوضات، قائلًا إن نفي قادة المقاومة الفلسطينية يمكن “أن يكون جزءًا من الحل لوضع حد للحرب”.


عائلات الأسرى: المتطرفون يعطلون الصفقة
وفي السياق، قالت هيئة عائلات الأسرى الصهاينة المحتجزين في قطاع غزة إن أسبوعا آخر مرّ بينما تستمر المماطلة بلا نهاية بسبب ضغط المتطرفين في حكومة نتنياهو.
وأوضحت الهيئة -في بيان- أن الأسرى ليس لديهم وقت، وأن الشعب يريد عودتهم إلى أهليهم وإنهاء الحرب ووقف موت الجنود. وأضافت أن الوضع في غزة بلغ الحد الأقصى من الناحية العسكرية، وأن هناك حاجة إلى خطوات سياسية.
وشددت الهيئة على طلبها للتوصل إلى صفقة تبادل لإعادة جميع المحتجزين الـ50، داعية المتضامنين معها للتظاهر السبت في تل أبيب للضغط على الحكومة.
وفي وقت سابق أمس، قالت هيئة عائلات الأسرى في بيانها إن “العائلات تطالب طاقم المفاوضات بوضع آلية لتقصير الجدول الزمني لضمان التوصل إلى اتفاق شامل خلال هذا الأسبوع، والتأكد من أن الصفقة تشمل إعادة جميع المختطفين دون تمييز أو انتقائية”، وختمت “لا ينبغي للمختطفين الانتظار ولو ليوم واحد آخر.
ونقلت صحيفة “هآرتس” عن شقيق رهينة سابق قوله إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب وإعادة المحتجزين، ويحاول فقط كسب مزيد من الوقت السياسي، معتبرا أن الحكومة الصهيونية لا تريد أي اتفاق على الإطلاق.


مفاوضات الدوحة
من جهته قال المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، إن “ما يجري الحديث عنه هو ورقة إطار عامة، وإن المحادثات المفصلة لم تبدأ بعد”. وأوضح أنه ليست هناك جداول زمنية للمفاوضات لكنها مستمرة حتى الوصول إلى نتائج إيجابية. وأضاف الأنصاري، في مؤتمر صحفي بالدوحة، أن المباحثات متواصلة في الدوحة بهدف التوصل إلى هدنة، لكن من المبكر إعطاء أي انطباعات حتى الآن، مشيرا إلى أن الوسطاء يسعون إلى جسر الهوة وإيجاد إطار تفاوضي بين الجانبين.
وأكد المتحدث باسم الخارجية القطرية أن الخطة التي تحدث عنها مسؤولون صهاينة والمتعلقة بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، لا تناقش خلال المحادثات الجارية في الدوحة. كما أكد رفض دولة قطر أي عملية تهجير للفلسطينيين خارج أراضيهم، مطالبًا المجتمع الدولي بدعم هذا التوجه.

زر الذهاب إلى الأعلى