ملفات وتقارير

“صحيفة الموقف الليبي” تحاور الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

حوار: عفاف الفرجاني
في ظل التحوّلات التي تشهدها مدينة غزة خاصة، وفلسطين عامة، تبرز شخصيات قيادية رسمت مسارات جديدة للنضال الوطني، حملت رؤى سياسية ونضالية، وسعت إلى إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني على أسس ديمقراطية وتشاركية.
اليوم نلتقي إحدى قيادات الجبهة الوطنية الرفيق فهد سليمان، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وأحد أبرز الشخصيات السياسية التي لعبت دورًا محوريًّا في صياغة مواقف الجبهة تجاه قضايا المرحلة، من الانقسام الفلسطيني الداخلي، إلى مفاوضات المصالحة، مرورًا بموقف الجبهة من المقاومة، وعلاقتها بالتحركات الإقليمية والدولية. لنفتح معه ملفات الساعة، ورؤيته لما بعد العدوان الإسرائيلي الصهيوني الأخير، وعن مستقبل منظمة التحرير، ودور الفصائل، وموقف الجبهة من التحركات الميدانية والسياسية والأمنية.
في هذا الحوار الحصري مع صحيفة “الموقف الليبي”، يضع فهد سليمان، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، جملة من القضايا على الطاولة، من موقع المقاومة المسلحة، إلى وحدة الفصائل، ودور المنظمة، وصولًا إلى التحديات الإقليمية والعربية، وموقف الجبهة من التطبيع ومؤسسات الأمم المتحدة، وحجم تمثيلها السياسي والجماهيري، ومستقبل الشباب الفلسطيني في مشروعها الوطني.

■ ما موقف الجبهة من أشكال المقاومة، خاصة في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي؟
■■ منذ انطلاقتها في 22 فبراير 1969، والجبهة الديمقراطية تعتمد كل أشكال النضال، الذي تكفله لشعبنا الشرعية الدولية من المقاومة المسلحة في الميدان ضد الاحتلال، إلى العمل السياسي والدبلوماسي، إلى العمل الإعلامي، إلى تأطير الحركة الشعبية في مؤسسات وطنية، كالاتحادات الشعبية والنقابات العمالية والمهنية، والمنظمات الجماهيرية الديمقراطية الصديقة للجبهة الديمقراطية، والتي تؤيد خطتها وبرنامجها السياسي وأسلوبها النضالي.
وقد راكمت الجبهة الديمقراطية تجارب كبرى، عززت من خلالها دورها وعموم الحالة الوطنية، إلى أن أصبحت واحدًا من أهم فصائل م. ت. ف، وبالتالي فإن كل نشاط تقوم به الجبهة الديمقراطية، أيًا كانت طبيعته يفترض أن يصب في خدمة إستراتيجيتها النضالية، التي تقوم على حق شعبنا الفلسطيني في ممارسة كل أشكال المقاومة دون استثناء، باعتبارنا حزبًا جماهيريًا، معارضًا لمشروع أوسلو، متمسكًا بالبرنامج الوطني: حق شعبنا في الحرية وقيام الدولة المستقلة كاملة السيادة على حدود حزيران (يونيو) 1967 وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين بموجب القرار 194، الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948. هذا هو برنامجنا الوطني في هذه المرحلة من تاريخ نضالنا الوطني.


■ كيف توازن الجبهة بين العمل السياسي والميداني؟ وهل هناك تحولات في إستراتيجيتها خاصة في ظل هذا التصعيد؟
■■ نحن حزب جماهيري منتشر في المناطق التي يتواجد فيها شعبنا داخل الوطن وخارجه، وننطلق في صياغة برنامجنا النضالي من رؤيتنا لهذا الانتشار بكل ما فيه من خصوصيات سياسية وقانونية في كل تجمع، كالضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا والجزائر والعراق والكويت ودول شمال إفريقيا، وعدد كبير من دول أمريكا اللاتينية، وشمال أمريكا وغيرها من الدول، حيث الانتشار الفلسطيني الواسع (14 مليونًا من الفلسطينيين)، وكل تجمع يصوغ برنامجه الوطني والاجتماعي، آخذًا بعين الاعتبار خصوصيته السياسية والقانونية كما أسلفنا. لذلك نمارس في الأراضي المحتلة كل أشكال المقاومة المسلحة والجماهيرية، وشعارنا «حيث الاحتلال تكون المقاومة»، أما في الخارج فلكل فرع من فروع الجبهة الديمقراطية برنامجه وخططه وآلياته وأدواته، السياسية والاجتماعية والنقابية والثقافية والإعلامية، نتوجه إلى كل فئات المجتمع الفلسطيني، العمال والفلاحين، والجامعيين والطلبة في المدارس، والمهنيين وأصحاب الاختصاص، كل فئة مؤطرة في إطار تنظيمي سلس، ينظم نشاطها، ويوحدها مع باقي الإطار.
نقطة التوحد هنا هي البرنامج الوطني، ونقطة التباين هي المضمون الاجتماعي لكل فئة من فئات التجمع الفلسطيني في المدن المحددة، لذلك تمارس العمل السياسي والاجتماعي في قطاع غزة بين النازحين، والطلاب المعطلة دراستهم، كما تمارس دورها في المقاومة المسلحة باسم «قوات الشهيد عمر القاسم»، وهو عضو مؤسس في اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية، قاد أولى المجموعات الفدائية نحو العدو، لتنظيم طلاب العمل الفدائي تحت الاحتلال، أسرته قوات الاحتلال وقضى عمره كاملًا في الأسر، ولم يطلق سراحه إلا شهيدًا بعدما قضى ردحًا من الزمن، يقاوم المرض والسجان، ولذلك وتكريمًا له، دعي «مانديلا فلسطين» تيمنًا بمانديلا المناضل الجنوب إفريقي المعروف.


■ هل لديكم تواصل أو تنسيق مع باقي فصائل المقاومة في الضفة وغزة؟
■■ الجبهة الديمقراطية على تواصل مع القوى الفلسطينية كافة، في الأرض المحتلة وفي الخارج، إيمانًا منا بضرورة توحيد الجهد الميداني لشعبنا، في مؤسساته النقابية واتحاداته الشعبية ومؤسساته الوطنية.
الجبهة الديمقراطية لا تشكل محورًا سياسيًا مع أي من الفصائل، لكنها لا تعارض ولا تعطل إمكانية التعاون في الميدان، في ظل الظروف، بل هي تدعو إلى هذا التعاون النضالي حتى ولو لم يكن قائمًا على إستراتيجية موحدة، حريصون على الوحدة الميدانية لشعبنا والوحدة الميدانية، تعني تحشيد جماهير شعبنا تحت الشعارات الوطنية التي تكفل له مصالحه، وتصون حقوقه الوطنية المشروعة، وتوفر له شروط الصمود في وجه الاحتلال، والصمود في مخيمات اللجوء والشتات.


■ كيف ترون مواقف الدول العربية من القضية الفلسطينية في ظل موجة التطبيع؟
■■ لا شك في أن موجة التطبيع التي شهدتها المنطقة، خاصة «تحالف أبراهام» حيّد عددًا من الدول العربية، وأخرجها من دائرة الصراع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وحَوَّلَ بعضها إلى «وسيط»، وأبعد بعضها الآخر عن القضية الفلسطينية تمامًا، أي المنظومة العربية أصابها ضعف وأفرغ الكثير من «ميثاق جامعة الدول العربية» من جوهره، فضلًا عن تعطيل العديد من المشاريع كالأمن القومي، والدفاع المشترك، والاعتراف بالعدو الإسرائيلي، وكذلك أفرغ «مبادرة السلام العربية» من الكثير من قوتها، حين تجاوزت بعض العواصم شرط الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة، ووقعت مع العدو ما سمي بـ«اتفاقية سلام»، في إطار «تحالف أبراهام»، والذي تعمل الولايات المتحدة على توسيعه من خلال الضغط على الدول العربية التي ما زالت خارج التطبيع للانفتاح على دولة الاحتلال، وتعميم التطبيع العربي – الإسرائيلي.
نحن في الجبهة الديمقراطية حريصون على إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية، آخذين بالاعتبار أولًا مصالح جالياتنا الفلسطينية فيها، وحرصنا على صون برنامجنا الذي يعتبر إسرائيل هي عدونا، ولا نريد أية نزاعات مع الأشقاء العرب، ونراهن في الوقت نفسه على أن شعوبنا العربية، حتى في الدول التي وقعت إطار التطبيع، ما زالت تعتبر القضية الفلسطينية هي قضيتها المركزية، وتقف إلى جانب شعبنا في نضالاته الوطنية.


■ ما تقييمكم لدور المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة في حماية الشعب الفلسطيني؟
■■ تنظر الجبهة الديمقراطية إلى الأمم المتحدة باعتبارها معيارًا لموازين القوى الدولية، ويتجلى ذلك بوضوح في مجلس الأمن، في ظل الفيتو الذي تلجأ إليه الولايات المتحدة لتعطيل المشاريع المؤيدة لشعبنا وحقوقه، والتي تدين بالمقابل العدوان الإسرائيلي.
أما في الجمعية العامة فإن أغلبية ساحقة من الدول الأعضاء تعترف بدولة فلسطين، وهذا ما يوفر على الدوام نجاحًا لمشاريع القرارات المؤيدة لقضية شعبنا.
كما ننظر بارتياح إلى خطوات محكمة العدل الدولية، في موقفها من حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا في القطاع، والأمر ذاته إلى محكمة الجنايات الدولية في دعواها على القيادات الإسرائيلية لارتكابها جرائم حرب ضد شعبنا.
وبالتالي، فنحن نعتبر المؤسسة الدولية في نيويورك ولاهاي، ميدانًا للنضال السياسي والدبلوماسي، نواصل التحرك فيه من خلال عضويتنا القائمة في م. ت. ف. في لجنتها التنفيذية ورئاسة المجلس الوطني، ورئاسة اللجنة السياسية للمجلس الوطني.
بالمقابل ننظر بامتنان شديد إلى تحرك بعض الدول الصديقة: إسبانيا، السويد، إيرلندا، أستراليا، فنزويلا وعدد من دول أمريكا اللاتينية وغيرها في موقفها من الحرب الإجرامية ضد شعبنا.
الأمر نفسه، ننظر بامتنان شديد إلى الأحرار في العالم، بدءًا من واشنطن وجامعات الولايات المتحدة وعواصم أوروبا، والدول الإسلامية، حيث خرجت تظاهرات حاشدة تأييدًا لشعبنا. هذا التحرك، هو لدعم صمودنا في ميدان المقاومة، فالعنصر الفلسطيني سيبقى هو العنصر الحاسم في المعركة ضد الاحتلال.


■ هل للجبهة الديمقراطية قنوات تواصل أو دعم سياسي من أطراف إقليمية أو دولية؟
■■ الجبهة الديمقراطية حريصة على إقامة علاقات إيجابية مع الدول العربية كافة، رغم تباين سياساتها، لأننا، كما ذكرت، نعول على شعوبنا العربية ودورها في دعم وإسناد القضية الوطنية لشعبنا، ولا نريد الدخول في نزاعات مع أية دولة عربية، لكونه عبئًا سياسيًا لا يعود على قضيتنا إلا بالضرر.
بالمقابل لا تربط بين الجبهة الديمقراطية وأية دولة عربية أو إقليمية علاقة خاصة، دون أن نسقط من اعتبارنا أن بعض الدول، كمصر والجزائر، التي نحرص على رعاية الوضع الفلسطيني، نحاول دومًا أن تبقى قنواتنا مع القيادة، في كلا البلدين منفتحة، ففي مصر تعقد دورات الحوار الوطني، وتحدث كذلك في الجزائر، الأمر الذي وضع هاتين الدولتين، بشكل خاص أمام مسؤوليات مميزة نحو القضية الفلسطينية.


■ ما حجم الجبهة اليوم على مستوى التمثيل السياسي والجماهيري؟
■■ الجبهة الديمقراطية عضو في م. ت. ف، وممثلة في اللجنة التنفيذية للمنظمة، وتحتل منصب نائب رئيس المجلس الوطني، فضلًا عن أنها تتولى رئاسة اللجنة السياسية في المجلس الوطني، وهي عضو فاعل في الاتحادات الشعبية، كالمرأة والعمال، والجامعيين وطلبة المدارس، وتحتل في بعضها الموقع الثاني من حيث الحجم والتمثيل بعد حركة فتح، كما لها أعضاء في النقابات المهنية والعمالية، كنقابة الصحافة، واتحاد الكتاب الفلسطينيين والمهندسين وغيرها داخل الوطن وخارجه.
أما جمهورها السياسي والمؤطر والصديق، فتعبر عنه في موقعها المتقدم في المؤسسات الوطنية والاجتماعية، والاتحادات والنقابات ومهرجاناتها الجماهيرية، ومسيراتها النضالية في مواجهة الاحتلال، كما تعبر عنه في استدامة كفاحها المسلح في القطاع، رغم مضي حوالي 20 شهرًا على الحرب، وما زالت «قوات الشهيد عمر القاسم» (الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين) تسير جنبًا إلى جنب مع كتائب القسام وسرايا القدس في مواجهة قوات الاحتلال.
ومؤتمرنا الثامن، الأخير في نيسان 2022، أعلن عن أعضاء الجبهة الديمقراطية في الوطن والشتات يتجاوزون حدود 50 ألف رفيق ورفيقة.


■ كيف تتعاملون مع تحديات جذب الشباب الفلسطيني إلى صفوف الجبهة؟
■■ شبابنا الفلسطيني يتسم بالحيوية الكفاحية، وقد أسقط نبوءة قادة اليهود، حين قالوا إن كبارهم (يقصد الفلسطيني) سوف يموتون وصغارهم سوف ينسون. شبابنا أكثر حماسًا لقضية شعبه وحقه في النضال، ونحن ندرك تمامًا أهمية دور الشباب، خاصة المتعلم، لذلك نشجع الشباب دومًا على العلم ووصوله إلى أعلى المستويات، فالشباب المتعلم ضمانة وطنية.
ونحن نبتدع أساليب وأطرًا مختلفة لاستقطاب الشباب، في الجامعة والمدارس، وورشة العمل والمخيم والحي عبر التثقيف الوطني، وبناء حصانة وطنية ضد الثقافة والمفاهيم البديلة لقضيتنا أو المعادية لها لاستقطاب العمل النقابي، أي الدفاع عن مصالح الطلبة الجامعيين وفي المدارس، وصون برامج التعليم حفاظًا على وطنيتها في مواجهة الضغط الإسرائيلي لتعديلها بما يخدم المشروع الصهيوني.
كذلك في بناء مجموعات كشفية ورياضية، ونوادٍ ثقافية واجتماعية، والدفاع عن حق الخريجين في العمل، وحقوق العمل والشباب.
أي باختصار، فئات الشباب بشرائحها المختلفة هي ثروة وطنية، واجبنا أن نصونها عبر تأطيرها وانخراطها في العملية النضالية في العمل الجماهيري، وفي الكفاح المسلح.


■ ما أولويات الجبهة الديمقراطية في المرحلة القادمة، سواء سياسيًّا أم تنظيميًّا؟
■■ هناك مهام ملحة تطرح نفسها على الجبهة الديمقراطية وعلى عموم الحركة الفلسطينية، أولها وقف الحرب الإجرامية في قطاع غزة والانسحاب الإسرائيلي منه، وكسر الحصار وتشكيل لجنة تدير المجتمع ذات مرجعية وطنية موحدة، والشروع في إعادة إعمار القطاع، أما في الضفة الغربية فالتصدي لمشروع الضم الذي يهدف إلى تقويض أسس المشروع الوطني، والقضاء على مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
كذلك مواصلة الدفاع عن حق اللاجئين في العودة من بوابة الدفاع عن وجود وكالة الغوث (الأونروا) التي تعتبر الشاهد الدولي على عدالة قضية اللاجئين والمؤسسة الدولية التي تقدم خدماتها المعيشية للاجئين ليعيشوا في مخيماتهم الحد الأدنى من الحياة الكريمة.
هذه هي محاور نضالنا الوطني، إلى جانبها نعمل جاهدين على إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الداخلية وإصلاح النظام السياسي الفلسطيني، وتنظيم انتخابات عامة، رئاسية، وللمجلسين الوطني والتشريعي بما يعيد توحيد فصائل العمل الوطني في مؤسسات م. ت. ف، ما يعزز دورها وموقعها التمثيلي، ويعيد الاعتبار للبرنامج الوطني الذي أقرته الشرعية الفلسطينية في المجلس الوطني (دورة 2018) والمجلس المركزي في دورته 31 (2022) ما يحررها من قيود أوسلو واستحقاقاته، ويوفر الشروط لتشكيل القيادة الوطنية للمقاومة الشعبية الشاملة بكل الوسائل على طريق دحر الاحتلال، وقيام دولة فلسطين وضمان حق اللاجئين في العودة.


■ ما الذي يحفزكم شخصيًا للاستمرار في العمل السياسي في ظل كل هذه التحديات؟
■■ إيماني العميق بأصالة شعبي ووطنيته، وجدارته وإرادته القوية وإدراكي عبر التجربة أن شعبي يواصل النضال حتى تحقيق أهدافه الوطنية، وبالتالي أنا واحد من أبناء هذا الشعب، أمارس العمل النضالي طبقًا لهذه القناعة، ولقناعتي أن الجبهة الديمقراطية هي الإطار السياسي الوطني الذي يستجيب لقناعاتي السياسية والفكرية.


■ كيف تقيمون دوركم داخل منظمة التحرير الفلسطينية؟ وما موقف منظمة التحرير الفلسطينية من مسألة الحلول السلمية المترتبة على مخرجات أوسلو في ظل مشروع الإبادة الذي ينتهجه العدو الصهيوني؟
■■ منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، ونحن أعضاء فاعلون فيها بكل ما في الكلمة من معنى، يزيدنا فخرًا أن الجبهة الديمقراطية هي صاحبة المبادرة في اجتراح البرنامج الوطني الفلسطيني (العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس)، وقد أصبح برنامجًا لكل الشعب، ناضلنا لتشق المنظمة طريقها لتحتل موقعها ممثلًا شرعيًا ووحيدًا لشعبنا، ولقطع الطريق على محاولات تذويب الشخصية الوطنية الفلسطينية أو تشتيت الأطر التمثيلية لشعبنا، ما يؤدي إلى تمزيق شخصيته الوطنية وقضية وتفتيت حقوقه وإسقاطها.
حافظنا على وحدة المنظمة في أصعب الأوقات، وعندما ذهب تيار من المنظمة إلى «اتفاق أوسلو»، سلكنا المعارضة الأقوى لهذا المشروع، وحافظنا في الوقت نفسه على موقعنا داخل المنظمة، نعارض «اتفاق أوسلو» ونواجهه وندافع عن المشروع الوطني، داخل المنظمة وخارجها، لا بد من الاعتراف أن ثمة من يحاول أن يفرغ مؤسسات م. ت. ف. من جوهرها ومضمونها وأن يعطل دورها، لتسود سياسة التفرد بالقرار الوطني، وإدامة الالتزام بـ«اتفاق أوسلو» واستحقاقاته.
نحن نقاوم هذه السياسة لـ م. ت. ف. في اللجنة التنفيذية وفي المجلس الوطني، وفي الميدان مع باقي القوى والتيارات الجماهيرية التي تتقاطع سياستها مع سياستنا.
نحن الآن أمام واجب هو إصلاح النظام السياسي الفلسطيني، وإعادة بناء مؤسسات م. ت. ف. على أسس ديمقراطية عبر الانتخابات العامة، الرئاسية والمجلسين الوطني والتشريعي بنظام التمثيل النسبي الكامل، ووضع حد لسياسة التفرد، وتأسيس شروط التشاركية في القرار والالتزام به، بحيث تكون المؤسسات لا الأفراد، هي المرجع، وهي المقرر، وهي الممثل الفعلي لشعبنا، كل ذلك تحت سقف م. ت. ف.


■ كيف تصف طبيعة العلاقة بين الجبهة الديمقراطية وليبيا في الوقت الحالي، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي؟ وما الدور الذي لعبته ليبيا – تاريخيًا أو حاليًا – في دعم القضية الفلسطينية من وجهة نظر الجبهة؟
■■ كانت تربطنا بليبيا، شعبًا وقيادة، علاقات وثيقة، قدمت ليبيا إسنادًا ودعمًا غير محدودين للشعب الفلسطيني، خاصة في الأوقات الصعبة، في مواجهة الاحتلال والغزو الإسرائيلي في لبنان، وإدامة الانتفاضة في الأرض المحتلة، وتعزيز القدرة على مواصلة الكفاح المسلح ضد الاحتلال، وتنشيط العمل الفدائي عبر الحدود مع فلسطين المحتلة.
التطور الحاصل في ليبيا، أدى إلى قيام وضع شديد التعقيد، أبقى القضية الفلسطينية خارج الحسابات السياسية للأطراف الليبية الحالية.
فضلًا عن أننا نحجم عن التدخل في الشأن الليبي الداخلي، ونحرص على التأكيد على ضرورة إصلاح ذات البين بين الأطراف الليبية، بما يعيد توحيد ليبيا، واستعادتها لموقعها المؤثر في الحالة العربية، بما في ذلك دورها في دعم وإسناد المؤسسات الوطنية والاجتماعية الفلسطينية وثورة شعبنا ومقاومته.

زر الذهاب إلى الأعلى