الصيف وحرارته وزواحفه

بقلم/ د. علي المبروك أبوقرين
في ذروة فصل الصيف، ومع ارتفاع درجات الحرارة، تخرج الزواحف والقوارض، وبالأخص العقارب والأفاعي، من جحورها، لا سيما في المناطق الجبلية والصحراوية، والمناطق الزراعية، والقرى والبلدات النائية، والمجمّعات السكنية العشوائية. وتشكل هذه الكائنات خطرًا على الصحة العامة، قد يصل إلى الإعاقات أو الوفيات.
ولهذا، يتطلب الأمر تكثيف حملات التوعية الصحية والبيئية المجتمعية، والتعريف بأنواع العقارب والأفاعي والزواحف المنتشرة، وأماكن تواجدها في الصحراء، والأراضي الزراعية، والأحراش، وتحت الأحجار والأخشاب، والمناطق غير النظيفة، وحدائق البيوت المهملة.
كما يجب التنبيه المستمر إلى السلوكيات الوقائية التي يجب اتباعها وعدم التهاون بها، ومنها:
تنظيف البيئات المحيطة بمنازل السكن والعمل والتجمعات.
إغلاق الشقوق في الجدران والأبواب.
النوم على أسرّة مرتفعة عن الأرض.
فحص الأحذية والملابس قبل ارتدائها.
وعند حدوث إصابة، يجب التشديد على عدم مصّ السم بالفم، والتواصل الفوري مع الخط الصحي الساخن، المفترض أن يكون متاحًا على مدار الساعة، والتوجّه بسرعة إلى أقرب مرفق صحي، مع إبقاء المصاب في حالة هدوء وسكون. وإذا أمكن، يُفضّل معرفة نوع العقرب أو الثعبان لتسهيل عملية التشخيص والعلاج.
وعلى وزارة الصحة بكل مرافقها وكوادرها أن تكون على جاهزية تامة بتوفير الأمصال المضادة، والتدريب على التعامل مع التسمم العقربي ولدغات الزواحف، وتفعيل نظام رصد وإبلاغ سريع، وتوفير سيارات إسعاف مجهّزة وسريعة الاستجابة.
كما تقع مسؤولية كبيرة على الجهات المختصة في البيئة، والمحليات، والزراعة، للقيام بدورها في المكافحة، والنظافة العامة، وردم الشقوق، وإحكام تغطية فتحات المجاري والمياه، وإنارة الساحات والمناطق السكنية ومحيطها، ورفع المخلفات بشكل يومي، ورفع أعلى درجات الاستعداد والتنسيق فيما بينها. ويجب أيضًا تكثيف تمركز وحدات الإسعاف المجهزة في المناطق الأكثر خطورة، وتوفير خطوط تواصل ساخنة للجمهور، ومنصات إلكترونية وتطبيقات ذكية، وبرامج إعلامية للتوعية والتثقيف والمشورة، وإتاحة المعلومات الصحية والبيئية الصحيحة للمساهمة في التخلص من الزواحف والقوارض والعقارب، ورفع مستوى الوعي الصحي والبيئي المجتمعي، حفاظًا على الصحة العامة وحماية للأرواح.
وإذا كانت سموم العقارب والثعابين تُشفى بالعلاج، فإن سموم البشر قد تكون أشد فتكًا، إذ تشمل: الغيبة، والنميمة، والحسد، والحقد، والكراهية، والنفاق، والكذب، والظلم، والخيانة. تلك سموم لا تفتك بالأجساد فقط، بل تدمر النفس، وتمس الكرامة، وتقوض الثقة، وتفقد الأمان، وتفتك بالسلام النفسي والاجتماعي.
فـلدغة العقرب تُشفى، أما لدغة اللسان فجرحها يبقى، وألمها يدوم.
سموم العقارب والثعابين، وسموم البشر… بين الجسد والروح!
فالطبيعة علمتنا الحذر من الزواحف، والحياة علمتنا الحذر من سمومنا وأقنعتنا.
حفظ الله الجميع.