مقالات الرأي

دروس من الهجرة

بقلم/ عبدالسلام محمد إسماعيل

تتقدم صحيفة “الموقف الليبي” بالتهاني والتبريكات إلى العالم الإسلامي والأمة العربية كافة والشعب الليبي خاصة بمناسبة حلول العام الهجري الجديد،حيث وافق يوم الخميس الماضي أول أيام شهر محرم من العام الجديد، الذي يؤرخ لمضي 1447 عامًا على هجرة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وصاحبه أبوبكر الصديق رضي الله عنه من مكة إلى المدينة، بعد أن اشتد أذى المشركين على أتباع الدين الجديد وعلى رسول الله، حيث ضرب المسلمون خلال هذه المحنة التي امتدت لسنوات أروع الأمثلة في التحمل والصبر على الأذى والشدائد وتحمل صنوف التعذيب في بطحاء مكة والتجويع والحصار في شِعب أبي طالب، بغية ردهم عن دين الله، حتى جاء أمر الله بالهجرة.

ما أشبه اليوم بالأمس البعيد، حيث تعيش الكثير من الشعوب الإسلامية ظروفًا مشابهة لما عاشه السابقون من المسلمين الأوائل، حيث تتعرض غزة للحصار والتجويع الممنهج والقتل اليومي بلا رحمة ولا شفقة وعلى مرأى كل شعوب الأرض، وتتعرض إيران وسوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن والسودان والصومال لظروف متفاوتة من الحروب والتجويع والحصار، وقبلها تعرضت مصر للعدوان سنة 1956 و1967م. كان الهدف دائمًا ضرب الأمة العربية حاملة مشعل الإسلام، فإذا كان الهدف الأول هو ضرب العرب فإن الهدف الأساسي ضرب الإسلام ورد المسلمين عن دينهم، وهذه مهمة أعداء الإسلام منذ كفار قريش إلى اليوم، حيث يقوم تحالف الصهيونية والماسونية والمتطرفين المسيحيين اليمينيين بنفس الدور.

ما أحوج المسلمين اليوم لاستخلاص الدروس واستلهام العبر من مسيرة الهجرة النبوية، خاصة مع تشابه ظروف المسلمين في ذلك الزمن وزمننا الحاضر، فحالة الضعف والهوان هي ذاتها التي يعيشها اليوم المسلمون كافة والعرب خاصة، لكن الفرق فقط يكمن في أن أعداء المسلمين في ذلك الزمن البعيد من بني قومهم بل من قبيلتهم قريش، أما أعداء العرب والمسلمين اليومفهم من أقوام وأتباع أديان حذرنا منهم الله ورسوله منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، حذرنا من أن نأخذهم أولياءأو نتحالف معهم، وبين لنا هدفهم المتمثل في ردِّنا عن ديننا واتباع ملتهم، كما كان يرغب كفار قريش.

الأفراد المستضعفون الذين هاجروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم -رغم قلة عددهم وضعف حيلتهم- استطاعوا بناء دولة عظيمة سادت مشارق الأرض ومغاربها من بلاد السند شرقًا إلى شبه الجزيرة الإيبيرية غربًا.

الدرس العظيم من هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، هو أن الله قادر على أن ينصر عباده المستضعفين ويستخلفهم في الأرض متى ما تحلَّوا بالإيمان وتسلَّحوا بالعلم والعمل.

ما أحوجنا إلى الاقتداء بقيم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وتعلُّم دروس التضحية والإيثار من صحابته الكرام.

زر الذهاب إلى الأعلى