مقالات الرأي

الهدهد والبعثة

بقلم/ خليفة صالح احواس

 حينما كنا صغارًا حشد أهلنا أذهاننا بكثير من المخيال الذي وإن لم يعلق إلا أنه يصيب كبد الحقيقة أحيانًا، فالهدهد (بوعبعاب)، نذير خير (إن ريت بوعبعاب بشر رفاقتك راه يوم بوعبعاب يوم سعيد)، كما يقول مأثور الهلالية، وملازمة ذلك كلما نراه في صباحنا ننجح أو نحقق مبتغى في رؤوسنا الصغيرة حتى بعد أن صارت كبيرة.

ورغم فنتازيا ذلك وجدَ حظا في واقعنا، رغم إيماننا المطلق بأن كل شي بمشيئة الله، بما فيه خراب ليبيا اليوم، لكن البعثة الأممية التي سلطت على رقابنا لأكثر من عقد لم تكن هدهدية يومًا، وكل ما تقوله تفعل عكسه، حتى صرنا عكس الهدهد كلما رأيناها (تبرلن) أو تقدم إحاطة عرفنا أننا لن ننجح ولن نحقق مبتغى، رغم كل ما قالته عن الدولة المدنية وتداول السلطة وأهمية المصالحة في مجتمع متصالح بطبيعته، فإنها تفعل عكس الشعارات التي ترفعها، فكان الحالمون يرون يوم الانتخابات قريبًا واليوم يرونه بعيدًا جدًّا، مسارات ومقترحات وتوافق لم يتوفر حتى في عقر دار أمريكا التي فاز (ترامبها)بنسبة (51 في المئة).

كلما يهب لنا رب العالم الحر مبعوثًا نقل على يده نحج للانتخابات، فنجد أننا صرنا أكثر بعدًا عن حلمها بحجج واهية وانقسام يرعاه ذات المجتمع الدولي وقوانين دولية هو أول من ينتهكها، بل ويحارب الجيش الذي يدافع عن السيادة التي جعلتها تلك القوانين قاعدة آمرة في كل نصوصها، يكذبون علينا بمقولة (الملكية الليبية الحل)، وهم من يملكون كل مفاتيحه، والليبيون مجرد (كومبارس)، قلت لهم في أحد اجتماعات البعثة، عندما استهلَّ المنسق الاجتماع بهذه الجملة (إذن ما مبرر وجودكم) صمت ولم يعلق، الآن استقدموا لجنة استشارية ليبية، لكنهم جعلوها لجنة خيارات ومقترحات وليس خيارًا واحدًا، وحين اجتمعت لجنة الرئاسة الدولية ببرلين، لم تلتفت ولم تقم وزنًا لحراك الشارع ولم تحسم مقترحًا، بل خرجوا ببيان هلامي لا طعم له ولا رائحة.

الحل لن يكون إلا ليبيًّا حقيقيًّا وليس وهميًّا، فما جاء بنذير الهدهد بزمننا القديم لن تحقق نزرًا يسيرًا منه بعثة تبيع الأوهام وتجري بما سمته زورا الشباب ومؤسسات المجتمع المدني العميل، لن يقوم أي تغيير على شعارات لا ماصدق لها في الواقع، الحل لن يكون إلا عن طريق الليبيين بلا وصاية دولية وبدعم ممن يذودون عن سيادتهم ويحاربهم ذات المجتمع الدولي بسفرائه ومبعوثيه، انتبهوا أيها الليبيون فقد طمى الخطب حتى غاصت (الرقب).

زر الذهاب إلى الأعلى