مقالات الرأي

مصر بين أمس الجماعات ويوم الانتصارات

بقلم/ عفاف الفرجاني

في يونيو 2013، وتحديدًا يوم 30، تنادت الجموع الحاشدة في الشقيقة مصر، حيث خرج الملايين من المصريين في كل المحافظات، في واحدة من أكبر المظاهرات في تاريخ مصر، تطالب بإسقاط النظام الإخواني وإبطال المؤامرة (الغرب-إخوانية) على بلادهم.

الجموع وصلت إلى قصر الاتحادية، وسيطرت على كل الميادين بحماية أبطال الجيش المصري العظيم. لم يصمد الإخوان كثيرًا أمام إرادة الشعب، فمحمد مرسي، الذي جاء بعد 25 يناير 2011، خيّب آمال المصريين خاصة، والعالم العربي عامة. وحوّل مصر بين ليلة وضحاها إلى دولة منهارة اقتصاديًّا، مطموسة ثقافيًّا.

في فترة وجيزة من حكمه، زادت هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على مؤسسات الدولة، وأصبحت الحاكم الفعلي لما يقارب 120 مليون نسمة، إلا أن الوطنيين كانوا في الموعد، لتبدأ شرارة الإطاحة بحكم الزنادقة بحملة “تمرد”وجمع التوقيعات لسحب الثقة من مرسي، فتم جمع أكثر من 20 مليون توقيع، وهنا دُق آخر مسمار في نعش الإخوان.

إن ثورة 30 يونيو أحبطت خطة أمريكا واللوبي الدولي في تدمير مصر، وهذا ما جاء على لسانها واستعرضته في كتابها الشهير (Hard Choices) “خيارات صعبة”، في سنة 2014، حيث كتبت أن ثورة 30 يونيو أجهضت الاتفاق الأمريكي مع الإخوان على إعلان الدولة الإسلامية في سيناء، وإعطائها لحماس، وجزء لإسرائيل لحمايتها، وانضمام حلايب وشلاتين إلى السودان، وفتح الحدود مع ليبيا من ناحية السلوم، أو الاتفاق على إعلان الدولة الإسلامية يوم 5 يوليو 2013.

انتصرت الثورة بفعل الشرفاء من أبناء مصر، ومساندة الجيش المصري الباسل، الذي لم يشارك ميدانيًّا إلا بتوفير الحماية للمتظاهرين، لكنه قال كلمته التي حسمت الأمر في بيان يوم 1 يوليو، حيث أمهل القوى السياسية الإخوانية 48 ساعة لتسليم أنفسهم للقضاء المصري، ليُعلن في 3 يوليو عزل مرسي، وتعيين عدلي منصور رئيسًا مؤقتًا للبلاد.

جاءت ردود الفعل الدولية على غير هوى إرادة الشعب، فقد جمدت إدارة أوباما الأمريكية جزءًا من المساعدات العسكرية لمصر، واعتبرت ثورة 30 يونيو “انقلابًا”، ومن جانبه وصف الاتحاد الأوروبي ما حدث بأنه “إقصاء”، واعتبر أن الاعتصامات في رابعة “حق مشروع”، محذرًا من التعامل معها بعنف.

أما قطر، عرابة “الربيع العربي”، فاعتبرت ما حدث “انقلابًا”، وهاجمت النظام الجديد، واستضافت عددًا من قيادات الإخوان الفارين. وهكذا، انقسم المجتمع الدولي بين مؤيد ومعارض للحركة الشعبية.

لتنطوي صفحة سوداء من تاريخ مصر، ويبدأ فصل جديد من النضج السياسي والصعود الاقتصادي، بتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة جمهورية مصر بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأولى التي أُجريت بعد ثورة 30 يونيو، وتكرر فوزه في انتخابات 2018 لفترة رئاسية ثانية، وفي 2023.

اليوم، تُصنَّف مصر من بين الدول ذات التنمية البشرية العالية، بموقع عالمي قوي، بفضل الطفرة في المشاريع القومية الكبرى، التي استهدفت البنية التحتية، والاقتصاد، والطاقة، والنقل، والإسكان. وتهدف هذه المشاريع إلى إعادة بناء الدولة وتحقيق التنمية المستدامة.

أما على الصعيد العربي، فقد تصدت مصر للإرهاب في المنطقة، بعد أن اعتبر الرئيس السيسي القوات المسلحة الليبية “شريكًا فكريًّا” في محاربة التطرف السياسي والإرهاب، وجاء هذا ضمن اتفاق إقليمي محوره مكافحة الإرهاب، والسيطرة على الإسلام السياسي واجتثاثه من المنطقة.

كما وقفت مصر في وجه المشروع الأمريكي الإسرائيلي، حين صرَّح الرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل واضح لأول مرة، برفضه مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، مؤكدًا أن الحل لا يكون بالهجرة أو التهجير القسري، بل في تحرير الدولة الفلسطينية ووقف العدوان على غزة.

زر الذهاب إلى الأعلى