مقالات الرأي

العدوان الصهيوني: من غزة إلى أصفهان

بقلم/ عبد الله ميلاد المقري

إن العدوان الصهيوني المتسارع من غزة وصولًا إلى أصفهان يُعدُّ تجسيدًا واضحًا لحالة من الاستقواء المتغطرس، بدعم مباشر من الغرب، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية التي باتت تمثل الوكيل الحصري لهذا الكيان الإرهابي.

لقد تجاوزت هذه الاعتداءات الحدود الجغرافية، وخضعت لمخططات ورغبات تاريخية، سياسية، ودينية متجذِّرة في المنطقة، تسعى إلى إعادة تشكيلها بما يخدم المشروع الصهيوني التوسعي.

إن هذا التمدد العدواني يعكس تأثيرًا خطيرًا للقوى الصهيونية، ويمتد ليشمل القضية الفلسطينية بكامل أبعادها، ولتطال المواجهة العربية مع الاحتلال الإسرائيلي في سياقٍ أشمل من مجرد صراع حدود، إلى صراع وجود وهوية.وتُعدّ هذه الأفعال – بموجب القيم والمبادئ التي أرستها العهود والمواثيق الدولية – انتهاكًا صارخًا لقواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان، وتهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الدوليين، الأمر الذي يثير قلقًا عالميًّا متزايدًا، رغم ما يُقابل ذلك من عجزٍ أو تجاهلٍ متعمّد من قِبل القوى الكبرى.

ورغم الدعوات المتكررة من المجتمع الدولي للتسوية السلمية، فإن تصاعد العدوان واستمرار الاحتلال يشكِّل تحدِّيًا خطيرًا لأمن المنطقة واستقرارها. وتأتي هذه التوترات في إطار تاريخ طويل من النزاعات المتواصلة في الشرق الأوسط، حيث يعيش ملايين الناس في خوف دائم من التصعيد، وهو ما يستدعي اهتمامًا عالميًّا أكبر لمعالجة هذه الأزمات ومنع تفاقمها.

إن السعي نحو سلام دائم وعادل في المنطقة العربية والشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق إلا عبر وقف عدوان الدولة الصهيونية المغروسة بالقوة في قلب المنطقة، وقبولها بحق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم، والتوقف التام عن امتلاك الأسلحة الفتاكة، بما في ذلك السلاح النووي، الذي يشكِّل جزءًا من ترسانة خطيرة لدولةٍ وظيفية تنتمي إلى منطق العصابات أكثر من منطق الدول.وما دام يُمنع تخصيب الوقود النووي في دول تسعى إلى استخدامه لأغراض سلمية كإيران، فإن استمرار صمت العالم عن امتلاك “إسرائيل” لترسانة نووية سرية يشكِّل ازدواجية خطيرة تقوِّض العدالة الدولية.

ومهما تبجَّحت هذه الدولة بتهديداتها المستمرة للعرب، وبتوسيع دائرة عدوانها إلى إيران، بل وحتى إلى باكستان، فإنها لن تغفل عن حقيقة باتت تفرض نفسها: الصراع العربي الصهيوني لم يعد محصورًا بفلسطين المحتلة، بل تمدَّد إلى ما بعد الخليج العربي، وها هي صواريخ اليمن قد وصلت إلى كامل المدن المحتلة، وفي مقدمتها تل أبيب، ما تسبب في حالة من الرعب الحقيقي لدى المستوطنين اليهود القادمين من أصقاع العالم. وبات كثيرٌ من سكان الكيان الصهيوني يُفكِّرون جديًّا في مغادرة هذه الأرض، بعدما تحوَّلت من “أرض ميعاد” مزعومة إلى مسرحٍ دائم للتوتر والخوف وعدم الاستقرار.

زر الذهاب إلى الأعلى