حماية خصوصية المرأة العاملة وفقًا لقانون علاقات العمل رقم (12) لسنة 2010

بقلم/ غادة الصيد
في إطار السعي إلى توفير بيئة عمل للمرأة العاملة تحفظ كرامتها وتراعي احتياجاتها الخاصة، جاءت المادة (13) من اللائحة التنفيذية لقانون العمل رقم (12) لسنة 2010 لتُؤسس لالتزام صريح على جهات العمل المشغِّلة للنساء (موظفات أو عاملات) بتوفير بيئة مناسبة وآمنة لهن. حيث نصت على:
“على جهات العمل المشغلة للنساء، وفقًا لأي من النظامين المشار إليهما، توفير الأماكن والظروف الملائمة للعمل من حيث تزويدها بالمرافق اللازمة التي تتسم بالخصوصية، ويجوز توفير وسائل النقل من وإلى مقار العمل كلما أمكن ذلك”.
وتستخدم المادة صيغة: “على جهات العمل…”، وهي صيغة إلزام قانوني توجب اتخاذ إجراءات عملية لتوفير أماكن ملائمة للعمل، وظروف تحفظ الخصوصية، ومرافق خاصة قد تشمل دورات مياه منفصلة، وغرف استراحة، وأماكن للرضاعة للأمهات. فالنص يتحدث عن الخصوصية، وهذا يدفعنا إلى التساؤل: في حالة تركيب جهة العمل كاميرات داخل المكاتب، هل يُعدُّ هذا مخالفًا لما جاء في اللائحة التنفيذية أم لا؟
للإجابة عن هذا السؤال، يجب التفرقة بين نوعين من الأماكن:
النوع الأول: الأماكن المخصصة لأداء مهام العمل، مثل المكاتب العامة، والصالات المخصصة للتعامل مع الجمهور.. من حق جهة العمل تركيب كاميرات بها.
النوع الثاني: الأماكن التي يمكن أن تتسم بالخصوصية، كالمكاتب الفردية أو المخصصة للسيدات.. يمكن القول بعدم أحقية جهة العمل في تركيب كاميرات بها، لأن ذلك يشكل انتهاكًا للخصوصية.
مع التأكيد على أنه لا يوجد نص خاص يتعلق بتركيب الكاميرات ينظِّم هذه المسألة في قانون علاقات العمل رقم (12) لسنة 2010، إلا أن اللائحة التنفيذية ألزمت جهة العمل بتوفير الخصوصية اللازمة للنساء. ونحن نعلم أن تركيب كاميرات في مكاتب بها نساء، بدون أدنى شك، يُعد انتهاكًا لكل معايير وأساسيات الخصوصية.
كما أن استخدام عبارة: “يجوز توفير وسائل النقل…”، تعني أنها غير ملزمة، لكنها جائزة إذا توفرت ظروفها، وتشكل أحد عناصر الرعاية التي شجّع المشرع على تحقيقها كلما أمكن، خصوصًا في البيئات البعيدة أو التي تفتقر إلى المواصلات بشكل عام.
ويُفهم من ذلك أن هناك واجبات قانونية مباشرة على جهة العمل والوحدة الإدارية لتوفير كل ما هو مطلوب لتأمين بيئة عمل مناسبة وآمنة للمرأة، من مرافق خدمية تشمل عادة:
(دورات مياه – غرف استراحة – أماكن مخصصة للرضاعة أو العناية بالأطفال في حال وجود أمهات عاملات – غرف لتبديل الملابس في الأماكن التي تتطلب طبيعتها ذلك (كالمستشفيات والمصانع) – مطبخ صغير أو مكان للوجبات).
ويجب أن تتسم هذه المرافق بالخصوصية، وفي حال قصَّرت جهة العمل في تطبيق هذه المادة، يُعدُّ ذلك إخلالًا بالعقد في العلاقات التعاقدية، ويفتح باب التظلُّم أمام الجهات المختصة أو القضاء. وفي حال نشوء ضرر للعاملات نتيجة غياب الخصوصية، تتحمل الجهة الإدارية المسؤولية القانونية الكاملة.