مقالات الرأي

الاستجابة الصحية للطوارئ الإشعاعية

بقلم/ علي المبروك أبو قرين

في ظل التوترات الدولية المتصاعدة، والحروب والصراعات المستمرة، والتهديدات بتعرض المنشآت النووية للتدمير أو التسرب أو استخدام للأسلحة النووية والذي يشكل تهديدًا خطيرًا للصحة العامة والحياة والأمن الإنساني والبيئي بشكل عام، وما حدث في تشرنوبيل وفوكوشيما مع التهديدات الحالية في بعض المناطق من العالم تفرض على الدول والمجتمعات أن يكون لها نظم صحية مستعدة طبيًّا وبيئيًّا وتقنيًّا ونفسيًّا، وقادرة على الاستجابة السريعة لمواجهة التهديدات الإشعاعية، وأن تكون الخطط الوقائية والصحية جزاء من الأمن الوطني الشامل وليس مسؤولية النظام الصحي فقط، مع ضرورة ضمان الجاهزية الصحية الفعالة في حال وقوع حوادث إشعاعية أو نووية قد تصل آثارها للبلاد لا قدر الله.

الاستعداد المسبق للطوارئ يقلل من المخاطر والأضرار، مع ضرورة التوعية المجتمعية بالمخاطر الإشعاعية، وتدريب السكان على كيفية التصرف في حالات التسرب أو الانفجار الإشعاعي، وبالنسبة إلى المناطق الأكثر قربًا والمعرضة لاحتمالات أكثر يوصى بتضمين السلامة النووية والإشعاعية ضمن المناهج الدراسية، وإنشاء ملاجئ محمية، أو مبانٍ خاصة للوقاية من الإشعاع، ومزودة بوسائل التهوية والفلاتر لمنع دخول الغبار الإشعاعي، وأن تتواجد مراصد بيئية لمراقبة مستويات الإشعاع في الجو والمياه والتربة، وأن تكون هناك مستشفيات ومراكز متخصصة لحالات الطوارئ الإشعاعية، مجهزة بالعزل الهوائي وغرف الضغط الهوائي السالب، وغرف خاصة مغطاة بمواد مقاومة للتلوث، وبالمرافق الصحية مسارات منفصلة للمصابين بالتلوث الإشعاعي لضمان عدم الانتشار داخل المرافق الصحية، وأن تكون المرافق الصحية بها أماكن خاصة لخلع الملابس الملوثة، ملحق بها غرف التطهير، ويتوفر بها غرف علاج الطوارئ مجهزة بأجهزة مراقبة الإشعاع، وبها مختبرات لتحليل الدم والبول والبراز وأجهزة مسح كامل الجسد، وأجهزة التنفس الصناعي والمراقبة الحيوية، وأجهزة المحاليل الوريدية، وغرف للكوادر الطبية والتمريضية والإسعافية والفنية، مزودة بأجهزة الحماية وملابس الوقاية من الإشعاع، والكمامات والقفازات والأحذية المخصصة، وعدادات شخصية لقياس التعرض الإشعاعي، ومخزون استراتيجي طبي من الأدوية والمستلزمات الطبية المطلوبة وبالأخص أقراص اليود غير المشع، وأدوية للعناصر الثقيلة، وأدوية محفزة للنخاع العظمي وأدوية داعمة للكلى، ومضادات للقيء والمضادات الحيوية واسعة الطيف.

ومع الكوادر الصحية المدربة على التعامل مع الإصابات المركبة (الإشعاعية والانفجارية والحرارية)، هناك حاجة لفرق الإخلاء الطبي المدربة، وسيارات الإسعاف المجهزة والمحمية من التلوث، ومناطق فرز ميدانية، ووحدات تطهير متنقلة، وأجهزة قياس الإشعاع المحمولة، وبروتوكولات الإخلاء في نقل المصابين بعد خلع ملابسهم وتغطيتهم ببطانيات خاصة (تزيل 90% من التلوث)، والنقل للمرافق الصحية المخصصة.

وفي حالات التلوث الإشعاعي يمنع استخدام المياه والطعام في المناطق المتأثرة، وبالنسبة إلى الناجين يحتاجون إلى برامج رعاية صحية متكاملة مستدامة جسدية ونفسية، ومراقبة تحاليل الدم، وحالات سرطان الغدة الدرقية، والعقم، وتشوهات الأجنة، وتقديم خدمات الدعم النفسي لمواجهة آثار الصدمة، وضرورة العمل على تنظيف التربة والمياه من الإشعاعات، ودفن كل المواد الملوثة بطرق صحية آمنة بعيدًا جدًا عن المجمعات السكانية ومصادر المياه والأراضي الزراعية.

وفي حالات الطوارئ ضرورة الاستعانة بشبكة الطوارئ الإشعاعية بمنظمة الصحة العالمية، والجهات ذات الاختصاص.

زر الذهاب إلى الأعلى