مقالات الرأي

الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان

بقلم/ عبدالسلام محمد إسماعيل

نُسب يقينًا إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الذي تولى مقاليد الخلافة الإسلامية سنة 634م، أول إعلان لحقوق الإنسان، عندما قال: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا”.

في سنة 1215 صدر في بريطانيا ما يُعرف بـ”العهد الأعظم” أو “الميثاق الأعظم” (الماغنا كارتا).

وانطلاقًا من إعلان أمير المؤمنين عمر، صدرت في ليبيا الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في الثاني عشر من يونيو سنة 1988م، الذي يوافق ذكراها يوم الخميس الماضي.

تضمنت الوثيقة تقديس مبادئ سامية، أهمها مبدأ حرية الإنسان وحمايتها وتحريم تقييدها، حق المواطنة، وحرية التعبير عن الرأي، والحق في تكوين الاتحادات والنقابات، وضمان الاحتكام إلى شريعة ثابتة مقدسة تستند إلى الدين أو العرف، وضمان حقوق الأقليات، وتحريم استخدام القوة لإذابتها في قوميات أخرى، والمساواة بين الرجال والنساء.

الوثيقة الخضراء الكبرى لم تكن وثيقة مكتسبة كمنحة من الملك إلى النبلاء أو الشعب، كما هو الحال في وثيقة (الماغنا كارتا)، بل جرى بشأنها نقاش واسع وعميق بين مختلف النخب القانونية والمثقفين والسياسيين وعموم المهتمين بالشأن الحقوقي، ثم جرت أيضًا مناقشتها من عموم الشعب الليبي، وصدرَت عن مؤتمر الشعب العام، وأصبحت ذات طبيعة مُلزمة لدى المحاكم، وترسّخت مع مرور الزمن.

قد يُثار تساؤل هام: لماذا لا تزال (الماغنا كارتا) إلى اليوم ضمن لوائح النُّظم الداخلية لإنجلترا وويلز؟

في معرض الإجابة، لعله من المهم أن نعلم أنه، بالإضافة إلى الطبيعة العرفية للقواعد الدستورية الإنجليزية، فإن الوثائق والإعلانات الدستورية تتصف بالديمومة والاستمرار، باعتبارها قواعد كاشفة لقاعدة قانونية غير مكتوبة سابقًا، يناضل الشعب من أجل تدوينها، وبذلك تترسّخ أكثر في ضمير الأمة مع مرور الزمن.

وذلك على خلاف القوانين، وحتى الدساتير، التي يمكن أن تتغير من وقتٍ لآخر.

في ذكرى إعلان الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان، ندعو إلى المحافظة عليها بوصفها إرثًا وقيمةً هامةً للشعب الليبي، وإذا دعت الحاجة إلى تطوير بعض مقتضياتها، فذلك يُعظّم من قيمة الوثيقة وصلاحيتها.

زر الذهاب إلى الأعلى