المشروع الإمبريالي الصهيوني

بقلم/ قاسم صنبير
بالنظر إلى واقع العالم اليوم من عملية استقطاب في اتجاهات متعددة إلى درجة النزاعات المسلحة نجد أن له مبرراته الخاصة به بعيدًا عن الشعارات التي ترفع والتي غالبًا ما تكون عبارة عن إعلاملا تعبر عن الحقيقة الكامنة وراءها، وتستخدم كلًّا من الخرافة والأساطير إلى الديانات، فمن خرافة تولد حكايات وقصص وتنسج بشكل محكم لدرجة أن يصدقها فريق من البشر، لكن تبقى الأهداف غير المعلنة هي الترجمة الحقيقية.
عندما ذهب ثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية في بحثه عن وطن لليهود بعد استحالة قبولهم في المجتمع المسيحي أراد استخدام اليهودية واليهود في هدف مشترك ألا وهو وطن اليهود، وجد حليفًا استراتيجيًّا يمكنه من تحقيق ذلك وهو بريطانيا، وكان ذلك بما يسمى وعد بلفور، الذي سلمت فيه بريطانيا فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني التي كانت تمثل العالم الغربي الإمبريالي، فأعطى من لا يملك لمن لا يستحق، فكان ذلك زواجًاإمبرياليًّا صهيونيًّا وباستخدام اليهودية واليهود، حتى تكون رأس حربة ضد العرب والمسلمين، رغم معارضة بعض الطوائف الدينية اليهودية الذين يعتبرون أن الصهيونية، كفكرة، تعارض النصوص التوراتية، من هذه الطوائف طائفة (ناتوري كارتا) التي تعد أشهر الطوائف المعادية للصهيونية والأشهر عالميًا، و(ساتمار حاسديم) وهي كبرى الطوائف الأرثوذكسية المنشرة في أوروبا الشرقية، فهي ترفض إقامة دولة إسرائيل وتعتبرها ضد إرادة الله، رغم ذلك تم فرض الكيان الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني والعمل على طرد الفلسطينيين وتهجيرهم وقتلهم، أي استيطان شعب بدل شعب، كما فعلت الإمبريالية في أمريكا،فتكونت على حساب الهنود الحمر بعد إبادة الملايين منهم.
كانت بريطانيا هي القابلة التي رعت ولادة المشروع الصهيوني ومن بعدها تولى العالم الغربي الإمبريالي بزعامة أمريكا وحتى اليوم، لهذا نرى تحالف الإمبريالية رغم اختلاف مشاربها الجغرافية والدينية والتاريخية، فالعالم الإمبريالي الصهيوني لا يعرف حدودًا ولا أوطانًا، فقط المصالح المادية هي المحرك الأساس له، فواقع اليوم يظهر التغول الإمبريالي المستميت لأجل نهب خيرات الشعوب والهيمنة عليها بشتى السبل بلا قيد ولا شرط، فالشعارات التي يحملها لا تعكس ما يقوم به، فالاحتلال يبرر لغايات إنسانية والحروب تبرر باسم الديمقراطية والتدخلات السافرة في الدول حتى احتلالها لأجل كذبة يرددونها، فليس هناك وسيلة إلا واستخدمت الإعلام، الدين، الاقتصاد، السياسة، كلها في خدمة المشروع الإمبريالي الصهيوني لخلق النزاعات لأجل خلق سوق ورواج للأسلحة وتخليق الفيروسات الفتاكة لبيع الدواء.
القيم والمعايير الإنسانية كنا نعتقد أنها واحدة أينما ذهبت وفي أي ثقافة ودين، أماالقيم عند هذا الغول المتوحش فله رأي آخر، إذ يعتبر أن الإنسان ه وفقط، والباقي غير ذلك، العالم بأسره كائنات حية تسخر لخدمة الإمبريالية والصهيونية، وعندما يتكلمون عن حقوق الإنسان يقصدون أنفسهم، فالباقون لاقيمة لهم.
شعوب العالم بأسره خرجت في مظاهرات للتنديد بما تقوم به الصهيونية من إبادة للشعب الفلسطيني في غزة، لكن لا آذان صاغية، لكن عندما اهتز الكيان الإسرائيلي وتعرض للخطر في السابع من أكتوبر احتشدت الإمبريالية للدفاع عن الصهيونية الذراع الأمامية للإمبريالية، حتى لا يلتقي العالم الإسلامي والعربي، فالصهيونية والإمبريالية هويتها الهيمنة والاحتلال، مسخِّرة بذلك كل المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة أو غيرها، فهي فوق كل تلك المؤسسات، فهذه الهوية الإمبريالية الصهيونية لا تجمعها ديانة محددة، فالديانة اليهودية استخدمت فقط لصالح المشروع، كما يتم الآن الترويج للديانة الإبراهيمية، هذا الهجين الغريب، رغم رفض كهنة اليهود وقساوسة المسيحية ورجال الدين المسلمين، فتجد الإمبريالية والصهيونية تتحد مع اختلاف دياناتهم الأصلية ففيها اليهودي والمسيحي والمسلم، ما يعني أن هذا المشروع سياسي كبير تتجسد فيه قيم الرأسمالية (الغاية تبرر الوسيلة).
الذي يجري اليوم هو محاولة للهيمنة على موارد العالم رغم بروز قوى أخرى مثل الصين تقود شرق العالم إلا أن الإمبريالية الصهيونية ممكن أن تذعن لتقاسم الموارد في العالم وسحق الأمم الضعيفة، فالصين قوى كبرى وفي تحدٍّ كبير للإمبريالية والصهيونية اليوم والمستقبل يحمل الكثير من التساؤلات، فرقعة الشطرنج كل يحمل خططه ودفاعاته، فدولنا هي الرقعة وليس البيدق، هي ساحة الصراع، ولا معنى للأحياء فيها مثلما عبر الرئيس الأمريكي ترامب عند حديثه على غزة، فقال هذه رقعة جغرافية ممتازة، ولم يتحدث عن السكان، فقط تكلم عن توزيعهم حول العالم.
الغاية هي الممرات المائية والمناطق الحيوية والنفط والغاز والمعادن والمياه، فلا اعتبار لدول أو شعوب مع كل ما نسمعه ونشاهده كل يوم ولا يحتاج إلى أكثر من توضيح ينتقل الصراع في طرابلس بين من يدافع عن المشروع الإمبريالي الصهيوني،سواء يدري أو لا يدري، والقوى الوطنية التي استوعبت المشروع القادم الذي يريد أن يبتلع الجميع، فالجيش في الشرق الليبي حدد أهدافه الوطنية وانطلق في بناء الدولة بعد صراع طويل ضد أدوات المشروع الصهيوني (الدواعش) وجماعات الإسلام السياسي، ففي ظرف وجيز تكون الجيش وبدأ في البناء والتنمية وحماية الحدود وإقامة دولة فعلًا على عكس الغرب الليبي الأعرج الذي ينظر إلى ما دون قدميه عاجزًا عن القيام بأي شيء سوى النهب والخطف والقتل خارج القانون، وحوش كاسرة، نسخة صغيرة جدًا للغول الصهيوني.
الأمة العربية والإسلامية إذا لم تستعد وتستجمع قواها فستكون في قادم السنين في مهب الريح، العالم يتطور في كل ثانية وأما شعوبنا العربية والإسلامية فغارقة في جدالات لا تسمن ولا تغني من جوع، ماذا يعني استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لسبِّ بعضنا البعض لا في عملية إيجابية؟ لماذا كثرة الحديث عن الأمازيغية وأصولها والعرب وأصولهم وغيرها من النقاشات المذهبية العقيمة التي لا تسعف بشيء؟