مقالات الرأي

أحرار العالم يكسرون القيد والحصار

بقلم/ محمد علوش

إن عملية القرصنة الوحشية التي قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلي بالاعتداء الهمجي على سفينة “مادلين” واختطاف من على متنها من نشطاء ومناضلين وأعضاء في برلمانات بمثابة اعتداء على القانون الدولي، وتعكس “الفاشية الجديدة” التي يقوم بها نتنياهو وحكومته المتطرفة، وهذا الاعتداء على سفينة تحمل المساعدات الإنسانية والإغاثية لكسر الحصار عن قطاع غزة الذي يرزح تحت الإبادة الجماعية المستمرة والتجويع الممنهج، هو استمرار لنهج القتل والدمار، في خطوة تؤكد أن بلطجة الاحتلال مستمرة دون أي رادع دولي.

وأمام هذه الجريمة البربرية فإن “إسرائيل” لا تملك أي صلاحية قانونية لاحتجاز هؤلاء المتطوعين الدوليين على متن السفينة، الذين نحييهم على محاولتهم لكسر الحصار الظالم المفروض على شعبنا الفلسطيني في غزة، وما حدث من اعتداء واختطاف لهؤلاء المناضلين من أجل الحرية يعد انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي وتجاهلًا مباشرًا لأوامر محكمة العدل الدولية التي تُلزم بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق، وإنّ استمرار الاحتلال في سياسة الإفلات من العقاب يفاقم من حدة وحجم هذه الانتهاكات، ويضاعف من المعاناة الإنسانية، ويزيد من استهتارها بالقوانين الدولية التي تحمي الملاحة المدنية، حيث يتحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن سلامة من كانوا على متن السفينة، ومن الواجب أن تقوم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بإدانة ما جرى، والتحرك العاجل لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وهي دعوة موجهة إلى كافة حكومات العالم من أجل الوقوف عند مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، والتوقف عن تبرير جرائم الاحتلال، سواء من خلال الدعم العسكري أم التغطية السياسية أم الصمت المتواطئ، فكل لحظة تمر دون محاسبة تشجِّع الاحتلال على التمادي في عدوانه وإرهابه المنظم.

إن اعتداء “البحرية الإسرائيلية” على السفينة “مادلين” في المياه الدولية وإرهاب من كان على متنها هو قرصنة موصوفة، وفقًا للقانون الدولي، خاصة معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار التي تحظر ارتكاب أي أعمال عنف أو احتجاز في أعالي البحار خارج نطاق ولاية أي دولة، كما تشكل انتهاكًا للعديد من المعاهدات الدولية التي بدورها تحظر الاعتراض أو الاعتداء على السفن في أعالي البحار، واعتبار ذلك تهديدًا للملاحة الدولية التي تتطلب موقفًا حاسمًا من دول العالم.

وبعد هذه الجريمة التي تمثل إضافة لسلسلة جرائم الاحتلال المستمرة، فإنه لمن العار أن تظل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، طليقة وتنتهك القانون الدولي، وتمارس الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، دون أن يتمكن العالم من وضع حد لتمردها على المنظومة الدولية بكافة مكوناتها، ويأتي هذا الفعل الإرهابي في سياق تصعيد حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتجويع والتدمير الشامل لقطاع غزة من طرف كيان الاحتلال تنفيذًا للمخطط الإمبريالي الصهيوني لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته الذي ترعاه وتشرف عليه الإمبريالية الأمريكية، في تحدٍّ سافر للقوانين والقرارات الدولية، وضد إرادة شعوب العالم التي ما فتئت تنزل للشوارع للمطالبة بوقف الحرب الإجرامية في غزة وللتعبير عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني من أجل حريته واستقلاله.

هذه المحاولة البطلة من هؤلاء الأحرار على متن السفينة مادلين عرّت الفاشية الصهيونية وأهدافها الحقيقية باستخدام الجوع والعطش وقطع الإمدادات الطبية لتحقيق أهداف سياسية، وهي جريمة أخرى تضاف إلى مسلسل جرائمها ضد الشعب الفلسطيني.

إن اختطاف النشطاء السلميين هو عمل قرصنة منظم يتنافى مع القيم الإنسانية والمبادئ القانونية الدولية، ويعكس إصرار الاحتلال الإسرائيلي على مواصلة سياساته العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني وكل من يتضامن معه، ودون أدنى شك فإن مثل هذه الاعتداءات لن تثني كافة الأحرار عن دعم الحق الفلسطيني المشروع في الحرية والكرامة، ولن توقف الأصوات الحرة التي ترفض الظلم وتناضل من أجل إنهاء الاحتلال والإبادة الجماعية والتجويع والتطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل وسياسة البلطجة المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر.

نحيي كل هذه القوافل وأساطيل وسفن الحرية والمبادرات الإنسانية المستمرة، رغم كل ما تواجهه به من بطش واعتداء من الاحتلال، بهدف كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007، فعلى الرغم من التحديات والصعوبات، بما في ذلك الهجمات الإسرائيلية على هذه السفن والقوافل، تستمر وستستمر هذه المبادرات في تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني في غزة، وجعلت وتجعل قضية الحصار الظالم قضية دولية، ورغم عدم تمكن أي من هذه الأساطيل من الوصول إلى غزة، فإن رسالتها الإنسانية لا تزال حيّة في ضمير أحرار العالم، حيث تجسد أجمل معاني الوفاء والتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، وتؤكد على أهمية العمل الجماعي في مواجهة التحديات الإنسانية والمصيرية التي تواجه الشعب الفلسطيني المضطهد.

زر الذهاب إلى الأعلى