مقالات الرأي

أحاديث بيزنطية 

بقلم/ ناجية عبد الله الصغير

جلست نملة إلى جذع نخلة فسقطت حبة من التمر بجوارها فرحت النملة وذهبت مسرعة لتنادي بقية النمل يحمل ويتقاسم معها الرزق الذي أهداه الله لها بكل رضا.

فنتازيا الحديث وبيزنطية الحكايات جعلتنا نركض بين استقالة وإقالة والتشبيهات بعيدة المنال وشتان بين النمل وغايته وبين الإنسان ومطامعه!

يعيش الفرد منا بين ردهات الورق ويمنح نفسه للكتب والكُتاب فيصحو على فلسفة التحفيز وينام على إحباط التعقيد بين معاملة ممكنة وأخرى مستحيلة وبين تاريخ خطأ وجغرافيا عنيدة لا تقبل الاستسلام ولا تهوى المرونة لتحتمل الأبدان ويبقى بين كثبان تفاصيلها مجبر أخاك لا بطل.

فلقد قيل ودت نحلة أن تصنع العسل وحدها بعيدًا عن قانون الخلية، ولكنها لم تجد من يشتري عسلها رغم لذته فسألت لماذا؟ فردت عليها مجموعة النحل السر في الجماعة والاجتماع واختلاف النكهات والأفكار فلا تظني التفرد يأتي من العزلة، ولكنه يأتي من رحم المعاناة.

الحياة أذواق والبشر منهم السراق وفيهم الحذاق وقليل منهم لا يطاق، ولكن لا يختبر الصبر إلا بما لا يطاق ولا يأتي النجاح إلا على هودج الفشل، فلا تقنط ولا تجزع ولا تقف، فالحياة لا تقف على ساكن ولا تحاكي متحركًا، هي فقط تستمر بلا تفاصيل، تنحَّ عن درب الفيلة حتى لا تسحقك ورافق خطى الأحصنة حتى ينالك الخير المعقود بنواصيها، ولا تركض كما تركض الوحوش في البرية، فكل شيء بقدر، تعلم كيف تتحدث وتحدث عندما تتعلم ولا تفرط، فبعض الحديث قد يرديك والكثير منه قد يبقيك والصمت في حرم الغباء ذكاء، فبعض الحروف تموت حين تقال.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى