مقالات الرأي

جدية البعثة.. ومافيا المجلس

بقلم/ عفاف الفرجاني

على الرغم من قناعتنا الراسخة طوال أربعة عشر عامًا بأن منظمة الأمم المتحدة ما هي إلا مجرد منصة للمفاوضات دون اتخاذ إجراءات فعالة حيال القضايا العربية، وفي مقدمتها النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، والصراع في سوريا، والنزاع في اليمن والعراق، ورغم القرارات المتعددة التي صدرت عنها، بالإضافة إلى الشبهات التي تُوجَّه إلى المنظمة التي نتهمها بالتحيز لصالح أطراف معينة في النزاعات الدولية والإقليمية، فإن الشعوب العربية لم تنسَ يومًا ما فعلته المنظمة في العراق عندما جعلت من برنامج النفط مقابل الغذاء ورقة ضغط سياسية على الشعب العراقي، وهذا مثال واحد على الفساد الذي يحيط بوكالات الأمم المتحدة في أماكن الحرب والنزاع.

من خلال زيارة المبعوثة الأممية إلى ليبيا، التي التقت فيها بقيادات سياسية واجتماعية وإعلامية ونشطاء في جمهورية مصر العربية، وكنتُ من ضمن المرشحين لهذا اللقاء، حيث عرضنا الملف الليبي من خلال تشريح الحالة الأمنية والسياسية للمبعوثة لإيجاد مخرج للأزمة في ليبيا.

عند لقائها كنا نبحث عن قناة لتوصيل صوتنا إلى المجتمع الدولي وإحراجه بأنني نعي جيدًا ما يحدث في الملف الليبي من تدويل للأزمة ومن مماطلة في الحل، لا تخدم إلا إرادة خارجية، ونعي جيدًا أن قرارات الأمم المتحدة في المنطقة العربية حبر على ورق، ولا يُسمح بتنفيذها بشكل فعال، ما يثير تساؤلات حول قدرتها على التأثير في الأجسام الدولية، خاصة مجلس الأمن. في تقديري هناك نوايا جيدة تبذلها البعثة تجاه الملف الليبي، ومن خلال بعض مبعوثيها مثل المبعوث الأممي السابق اللبناني غسان سلامة، الذي حاول من خلال إحاطته المتكررة أمام مجلس الأمن تقديم الصورة الحقيقية للوضع في ليبيا، إلا أن كل هذه الجهود تقف عاجزة أمام إرادة مجلس الأمن الذي يضم دول (الفيتو)، وهي الورقة الضاغطة على أي قرار من شأنه معالجة الأزمة، وهذا ما يجعل الأمم المتحدة غير ديمقراطية في اتخاذ قراراتها، بالإضافة إلى تحيزها الأيديولوجي للبعض.

المبعوثة السنغالية هنا تيتيه، نحن لا نشك في حسن نواياها تجاه الملف الليبي، خاصة أنها بنت أفريقيا، هذه القارة التي يتقاسم سكانها الوجع والقهر والاضطهاد والتمييز من ذات العدو، ولكننا نجزم بأن مافيا مجلس الأمن لا تريد لهذا البلد الاستقرار، ولا للقارة كافة.

من خلال تمثيلي الشخصي كصحافية وكاتبة سياسية ومحسوبة على تيار وطني، كل ما أتمناه اليوم هو الإفراج عن الأسرى من القيادات السياسية والعسكرية والنخب المثقفة من التنظيمات الجماهيرية من السجون غير الشرعية، واجتثاث أمراء الميليشيات وتحويلهم إلى المحكمة الجنائية الدولية كمجرمين، وتسليم الحكومة إلى المحكمة العليا لمدة وجيزة لحين الانتهاء من إجراءات الانتخابات الرئاسية، ودمج المؤسسة العسكرية لتنعم ليبيا بالاستقرار.

زر الذهاب إلى الأعلى