مقالات الرأي

البـــــوقــــالة 

بقلم/ كريمة الشماخي

عندمـــا يخيم السكون على أجواء الليالي الرمضانية في ليبيــــــــا ويذهب الرجال إلى صلاة التراويح أو إلى زيارات الأهل والأصحاب، كانت المرأة الليبية المتفانية في تربية أولادها وصيانة زوجها وبيتها ومالها، تجلس أمام ساعة الترويح عن النفس حيث تتزاور النســـاء فيما بينهن ويلتففن حول موائد الشاي الليبية العامرة إضافة إلى كافة أنواع الحلويــــــات والمعجنات المصنوعة بأنامل ليبية ماهرة تكون سيــــــدة الجلسة هي الأكبر سنًّا وصاحبة الخبرة في إلقاء الشعر والنثر وحفظ التراث الليبي بشكل جيد وهو ما يسمى بالبوقالة أو “البوكالة” كما نسميها في تراثنا الشعبي.

الغرض الأساسي من هذا الترفيه والسمر هو تربوي بالدرجة الأولى إضافة إلى منح الثقة والتفاؤل للبنات الجليسات في البيت، حيث هناك التركيز على الحب الصادق وعلى ذكر الصحابة والأولياء إضافة إلى الانغماس في إعطاء جرعات الأمل للبنات الحالمات الراغبات بالحياة السعيدة مع زوج المستقبل، كنت أنا واحدة من البنات الحالمات أجلس بجانب أميمتي (جدتي) البارعة في (البوكالة) وقد حفظت أغلب ما كانت تقوله عن ظهر قلب، وكنا نرتاح جدًّا حين ينتهي السمر ونرقد (ننام) بكل خفة ونحن في شوق بانتظار الغد الباسم، وهذه المسامرة موجودة في بعض مدن الجزائر وبنفس التسمية، إلا أن الموروث الشعبي الليبي قد خزن في ذاكرة الأجيال (البوكالة) كنوع من الأدب الشعبي لشاعر أو راوٍ مجهول، وهو (المجهول الذي قال ذلك) ولذلك سميت بهذه التسمية.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى