مقالات الرأي

بدائل دعم المحروقات

بقلم/ علي محمد أبو شهيوة

من خلال ما لوحظ حاليًا من صعوبة ممارسة الرقابة على محطات الوقود والمنافذ البرية والبحرية، وما يترتب على ذلك من سهولة تهريب هذه السلعة، بالإضافة إلى التكاليف الباهظة لعمليات الحد من التهريب، فإن ذلك قد يستوجب طرح بديل لهذه الخطة يكمن في:

رفع الدعم تدريجيًّا عن الوقود مقابل دعم برنامج الجمعيات الاستهلاكية، وذلك بقيمة تفوق القيمة التي سيتكبَّدها رب الأسرة نتيجة رفع أسعار الوقود، ويتم ذلك بتقدير القيمة المضافة على سعر الوقود المدعوم، وفي المقابل يتم توفير مجموعة من السلع الاستهلاكية تُوزَّع شهريًّا على المستهلك وفق نظام الحصص. ولهذه الخطَّة البديلة خصائص أهمها: تخفيض أسعار السوق لبعض السلع، وبخاصةً تلك السلع الضرورية التي أحيانًا تُستغل من قبل التُّجار لندرتها، والحد من عرض النقود في السوق، لما لزيادة عرض النقود من ضرر مباشر على الاقتصاد، ويكمن ذلك في انخفاض القوة الشرائية للدينار نتيجة زيادة عرضه في السوق، والإسهام بشكل كبير في توجيه فئة كبيرة من مستخدمي السيارات الخاصة إلى استخدام وسائل النقل الجماعي، بالإضافة إلى ما قد تسهم به في تخفيف ظاهرة ازدحام السير. كما أن تقليل استخدام السيارات الخاصة قد يسهم -بشكل مباشر- في تخفيف التلوُّث الحاصل.

إذا ما تم استخدام نظام الدفع الإلكتروني في الجمعيات الاستهلاكية، فإن ذلك يخفف من ظاهرة الدفع النقدي وما يترتب عليها من مساوئ، وستسهم هذه الخطَّة في تقليص ظاهرة تهريب الوقود، حيث إن الربح سوف ينخفض وقد ينعدم نهائيًّا إذا ما أُخذ في الحسبان المخاطر التي ستترتب على تهريبه.

رفع الدعم نهائيًا وتوزيع الفرق نقدًا على أرباب الأسر: إن توزيع الفرق نقدًا على أرباب الأسر سيكون له مساوئ أكثر على طبقة محدودي الدخل، حيث إن ذلك سيزيد من عرض النقود في السوق، مما سيترتب عليه انخفاض قوتها الشرائية، وهو ما يعكس ارتفاع أسعار السلع في السوق، وهي نتيجة طبيعية من التجار للاستحواذ على أكبر نسبة من تلك النقود في شكل رفع أسعار السلع، خصوصًا في دول يغيب عنها آلية فاعلة لمراقبة الأسعار.

رفع الدعم مع إصدار بطاقة نقدية غير قابلة للسحب النقدي ويقتصر استعمالها على دفع قيمة الوقود: يُعد هذا بديلًا مقبولًا نسبيًّا، رغم أنه سيتم الاتجار به، خاصة من بعض القاطنين في المدن، حيث سيتمكنون من توفير كمية من الوقود نتيجة لقرب مراكز الخدمات من مقر سُكناهم، ولهذا البديل مساوئ، حيث سيتم توزيع كميات الوقود بين المواطنين بالتساوي دون الأخذ في الاعتبار اختلاف المسافة بين مساكنهم ومراكز الخدمات، وفيما بينهم، مما يُعد معيارًا غير عادل للتوزيع، وسيتوجَّه بعضهم إلى فكرة الاتجار بالفائض المُحقق. وفي جميع الأحوال، فإنه يُعد الخيار الثاني من حيث الأفضلية.

أما الخيار الأول من وجهة نظر الباحث، فيُعد الخيار الأفضل، حيث إنه لا يُعطي فقط بديل قيمة رفع الدعم لأرباب الأسر، بل إن قيمة السلع الاستهلاكية التي ستُقدَّم ستفوق قيمة الدعم المرفوع، لتُغطِّي مثلًا تكاليف الركوب الجماعي للطلبة، بالإضافة إلى مواجهة ارتفاع أسعار السلع الأخرى في السوق، وهي ظاهرة طبيعية نتيجة لزيادة تكاليف نقلها الناتجة عن رفع الدعم.

تلك هي مجموعة من المقترحات، وهي وجهة نظر قد يتم تطويرها وإصلاحها من خلال تعليقاتكم ومُقترحاتكم، وفي الختام، أود التوجه بالشكر الجزيل لصحيفة الموقف الليبي على مجهوداتهم البنَّاءة، وذلك من خلال فكرة إثراء هذا الموضوع الحساس للنقاش بين فئات المجتمع المختلفة، مما سيسهم -بشكل كبير- في طرح العديد من الأفكار، التي بالتأكيد سينتج عن صقلها خطَّة فاعلة للتعامل مع هذا الملف. والأكثر من ذلك ما سينتج عن هذا النقاش من وعي من قبل كافة شرائح المجتمع بمراحل تنفيذ هذه الخطة ونتائجها، وهذا بالتأكيد عامل لا يُستهان به في إنجاح الخطة.

زر الذهاب إلى الأعلى