مقالات الرأي

انهيار توازن القوى

بقلم/ عبدالسلام محمد إسماعيل

منذ ما يزيد على خمس سنوات، ساد توازن للقوة العسكرية بين مجموعات مسلحة توزعت داخل مناطق محددة من العاصمة طرابلس، ترتب على ذلك التوازن في القوة، من ضمن أشياء أخرى، سلام هش داخل العاصمة طرابلس، تراعي فيه كل مجموعة مسلحة حدود ومناطق انتشارها، كما تعترف بحقوق ومصالح المجموعات الأخرى، كما أن الحكومة ترعى هذا التوازن، طالما كان يخدم مصالحها، خصوصًا ما يتعلق بضمان استمرارها في الحكم، كما توزع الحكومة الأموال على تلك المجموعات بعد أن أعلنت شرعيتها وخصصت لها أموالًا طائلة من ميزانية الدولة ووزعت عليها المناصب في المراكز الحساسة، وكل ذلك لكسب مزيد من الولاء وضمان استمرار الحكومة.

إثر خلاف على تقلد منصب في شركة سيادية، ذات مردود مالي يقدر بالمليارات، تفجر صراع دموي عنيف، سقط بموجبه أحد الأقطاب الفاعلة في معادلة توازن القوة، وأسقط معه ذلك التوازن، منهيًا حالة السلم والاستقرار التي شهدتها العاصمة طرابلس طيلة السنوات الماضية.

تفجُّر الأوضاع أراق الكثير من الدماء داخل العاصمة، وكلُّ ذلك من أجل رسم خارطة جديدة للقوة والسيطرة على العاصمة وبعض المناطق المجاورة لها.

حاولت الحكومة أن تضفي بعدًا قانونيًّا ومؤسسيًّا للصراع المتفجر داخل العاصمة، معتبرة عملها العسكري داخل المدينة وقراراتها ذات الصلة، من أعمال السيادة، وتهدف إلى حل الجماعات المسلحة المسيطرة على المدينة وسحب سلاحها، هذا المنطق لا يصمد أمام حقيقة أن رئيس الحكومة قد استقوى على ميليشيات طرابلس بميليشيات مدينته، دون اللجوء إلى استخدام قوات الجيش والشرطة في هذه العملية التي اعتبرها ناجحة وسريعة. 

حكومة الدبيبة لم تأخذ في الاعتبار دخول الشعب في هذه المواجهة، حيث اندفعت مظاهرات ضخمة تطالب بإسقاط الحكومة واتهامها بالفساد المالي والارتهان السياسي للأجنبي ومحاولة التطبيع مع الكيان الغاصب، كما أعلن في وقت لاحق عن تنفيذ عصيان مدني حتى رحيل حكومة الدبيبة.

حقيقة الأمر أن الناس ضاقت ذرعًا من هذه الحكومة، ووجدت في الخلل في توازن القوة، فرصة للخروج للشوارع للتعبير عن غضبها. الحقيقة الأخرى أن الحكومة أفشلت الانتخابات عن قصد حتى تتخذها ذريعة للاستمرار في الحكم إلى ما لا نهاية، والخلاصة أن حكومة الدبيبة فقدت أي دعم شعبي، وهي بذلك تعد في عداد الساقطين، فإن استمرت أسابيع فلن تستمر شهورًا عديدة.

زر الذهاب إلى الأعلى