انتفاضة شعبية واسعة في طرابلس ضد حكومة الفسادو التطبيع والعمالة

تقرير – سيد العبيدي
أعلن غالبية وزراء حكومة الوحدة الوطنية استقالتهم من مناصبهم، على خلفية الأحداث الدامية التي تشهدها العاصمة طرابلس منذ أكثر من أسبوع وخروج آلاف المواطنين من مختلف المدن والمناطق والأحياء بالمنطقة الغربية – الجمعة – في مظاهرات سلمية حاشدة تحت شعار “جمعة الحسم والخلاص”، للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة ومحاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين بعد إطلاق عناصر مسلحة تابعة للدبيبة النار عليهم وسقوط عدد من الشهداء والمصابين أمام مقر رئاسة الوزراء بطريق السكة وفي أحياء متفرقة من العاصمة.
دعوات جديدة إلى التظاهر
يأتي ذلك وسط دعوات جديدة إلى التظاهر أعلن عنها منظمو حراك “مناطق سوق الجمعة، الزاوية، تاجوراء، ورشفانة” في ميدان ساحة الخضراء ومناطق مختلفة من العاصمة طرابلس.
ودعا منظمو التظاهرات سكان طرابلس والمناطق المجاورة إلى المشاركة في الاحتجاجات السلمية، مطالبين باستقالة بقية وزراء الحكومة.
كما أكد الحراك على أهمية التحرك الشعبي الفوري وعدم منح الحكومة فرصة للمماطلة، مشددًا على ضرورة إشراك الشباب في رسم مستقبل البلاد بعيدًا عن أي تدخلات خارجية.
البلديات تنسحب من حكومة الدبيبة
إلى ذلك أعلن عمداء البلديات وأعضاء المجالس البلدية ومجالس الحكماء والأعيان والقوى الوطنية لبلديات “راقد الين – زوارة – المنشية الجميل – الجميل – العجيلات – صبراتة – صرمان – الزاوية الغرب – الزاوية المركز – الزاوية الجنوب – أبو صرة” انسحابهم من حكومة الوحدة الوطنية.
كما أدان عمداء البلديات في “بيان مشترك” الاعتداءات الجائرة التي طالت المتظاهرين، معلنين انحيازهم التام لإرادة الشعب ومطالبه المشروعة، كما طالب عمداء البلديات رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة بالرحيل فورًا والمسؤولين في حكومته بتقديم استقالاتهم والعودة إلى بلدياتهم أو الدخول في عصيان مدني شامل ما لم تتحقق هذه المطالب خلال 72 ساعة.
اختيار رئيس حكومة جديد
من جانبه أعلن مجلس النواب التنسيق مع مجلس الدولة بشكل مستمر وعاجل لاختيار شخصية وطنية لتشكيل حكومة جديدة تباشر عملها خلال الأيام المقبلة “بعد التأكد من توفر الشروط اللازمة لتولي الرئاسة”.
وأضاف المجلس في بيان – الجمعة – أن حكومة الوحدة الوطنية الموقتة “سقطت منذ ثلاث سنوات بموجب قرار سحب الثقة منها واليوم أسقطها الشعب لتصبح هي والعدم سواء”.
ودعا مجلس النواب جميع الجهات الأمنية بطرابلس إلى عدم التعرض للمتظاهرين السلميين وحمايتهم للتعبير عن مطالبهم المشروعة، مطالبا المتظاهرين بالحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، كما شدد مجلس النواب على حضور أعضاء المجلس للجلسة المقررة اليوم الاثنين بمدينة بنغازي.
كما استنكر مجلس النواب قيام مجموعة مسلحة تابعة لحكومة الدبيبة، بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين بالرغم من التحذيرات الصادرة عن مجلس النواب وبعثة الدعم التابعة للأمم المتحدة في ليبيا قبل انطلاق التظاهرات السلمية الجمعة.
التحقيق مع الدبيبة ومنعه من السفر
وكلف مجلس النواب – السبت – النائبَ العام المستشار الصديق الصور بالتحقيق مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، ومنعه من السفر، على خلفية الأحداث التي شهدتها العاصمة طرابلس.
وأكد بيان مجلس النواب أن التحقيق مع “الدبيبة” في إطار الاستجابة لإرادة الشعب مصدر السلطات في الدولة، ونظرًا إلى ما قامت به الحكومة منتهية الولاية في طرابلس من قمع للمتظاهرين السلميين ومواجهتهم بالسلاح ما أدى إلى سقوط عدد من الوفيات والجرحى وما سبقتها من أعمال عنف خلفت خسائر بشرية ومادية كبيرة حولت مدينة طرابلس إلى ساحة حرب ودمار من أجل البقاء في السلطة.
حكومة الدبيبة فقدت الشرعية
من جهته، أشار المجلس الأعلى للدولة، إلى أن حكومة الدبيبة تجاوزت مدتها القانونية، وأخفقت في إجراء الانتخابات، ما عمق الأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد.
ووصف المجلس، حكومة الدبيبة بأنها “ساقطة الشرعية” سياسيًّا وقانونيًّا، مؤكدًا أنها لم تعد تمثل إرادة الليبيين، ولا يجوز لها الاستمرار في ممارسة مهامها، كما دعا مجلس الدولة رئيس مجلس النواب إلى التواصل الفوري مع رئيس المجلس الأعلى للدولة لتكليف شخصية وطنية لتولي مهام رئاسة حكومة مؤقتة.
الرئاسي يبحث مطالب المتظاهرين
وفي سياق متصل، أعلنت مصادر محلية دخول “المجلس الرئاسي” في حالة انعقاد طارئة لمتابعة التطورات الميدانية في العاصمة طرابلس والتجاوب مع المطالب الشعبية المتصاعدة.
وأشارت المصادر إلى أن “المجلس يجري سلسلة اتصالات مكثفة، خاصة بعد توارد أنباء عن استقالة عدد من وزراء حكومة الوحدة الوطنية”. وشدد المجلس في بيانه على سعيه الدؤوب إلى “الحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة وضمان استمرار عملها دون انقطاع”، مؤكدًا أن “الخطوات القادمة ستتخذ بما يتماشى مع الظروف الاستثنائية الراهنة، وبالاستناد إلى المرجعيات الوطنية والدستورية”.
واختتم البيان بالتأكيد على أن “هدف المجلس الأساسي هو الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها وسط تصاعد التوترات والمطالبات الشعبية بالتغيير”.
خلفية الأحداث في طرابلس
ووقعت اشتباكات مسلحة في طرابلس مساء الإثنين الماضي عقب الإعلان عن مقتل قائد ما يسمى “جهاز دعم الاستقرار” عبدالغني الككلي، المعروف باسم “غنيوة”، إذ اندلعت المواجهات بين قوات الجهاز وميليشيات ما يسمى “اللواء 444 قتال” التابع لحكومة الدبيبة أدت إلى سقوط قتلى ومصابين في صفوف المدنيين، فضلًا عن الدمار الواسع الذي لحق بممتلكات المواطنين وكذلك الممتلكات العامة.
وعقب ذلك وقعت اشتباكات بين ميليشيات ما يسمى “اللواء 444 قتال” وما يعرف بـ “جهاز الردع ومكافحة الجريمة والإرهاب” بعد قرار الدبيبة حل جهار الردع، ما أسفر عن مقتل عدد من المسلحين والمدنيين، بينما لم تعلن أي جهة عن حصيلة رسمية للضحايا.
تظاهرات جمعة “الحسم والخلاص”
وللمطالبة بوقف الاشتباكات، واعتراضًا على استمرار حكومة الدبيبة في السلطة، خرج آلاف المواطنين في ميدان الساحة وسط العاصمة طرابلس، ما أدى إلى إعلان غالبية وزراء حكومة الدبيبة استقالتهم احتجاجًا على عمل الحكومة وتسببها في تأزم الموقف، كما لحق ذلك استقالات متعددة في الجهاز الإداري والبلديات بالمنطقة الغربية.
وخرجت مجموعات كبيرة من أهالي طرابلس عصر الجمعة من أنحاء متفرقة ومن مدينتي الزاوية وورشفانة، وتجمهرت الحشود في ميدان الساحة الخضراء، حيث تم رفع لافتات وإطلاق هتافات تطالب بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها، الدبيبة.
واتهم المتظاهرون الدبيبة بافتعال الأحداث الأمنية الأخيرة وأيضًا بالعمالة لأمريكا، مطالبين برحيله مع الحكومة، أو الدخول في حالة عصيان مدني.
ونظمت المظاهرات في ظل تواجد أمني مكثف من أفراد الشرطة والنجدة والمرور، قبل أن تطلق عناصر مسلحة النار على المتظاهرين أمام مقر مجلس الوزراء بطريق السكة وتتسبب في سقوط عدد من الشهداء والجرحى.
تحذيرات من العنف ضد المتظاهرين السلميين
إلى ذلك حذرت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا – الجمعة – من أن استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين يعد انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان، قد يرقى إلى جرائم يعاقب عليها القانون الدولي. وأضافت البعثة الأممية: “نذكر جميع الأطراف بالتزاماتهم بحماية المدنيين”.
كما أشارت البعثة، إلى حق المواطنين في الاحتجاج السلمي، محذرًا من أي تصعيد في العنف، مؤكدة على حق الليبيين في الاحتجاج السلمي، وحذرت من أي تصعيد أو استخدام للعنف ضد المتظاهرين السلميين بوصفه، إن حدث، سيمثل انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان.
الأجهزة التابعة للدبيبة تقمع المتظاهرين
وفي سياق متصل، أعربت مجموعة “العمل الدولية” المعنية بليبيا، عن قلقها إزاء التصعيد الأخير للعنف في طرابلس، والذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، وإلحاق أضرار بالمنازل والبنى التحتية المحمية، وأدى إلى قمع عنيف للمتظاهرين.
وشددت على ضرورة ضمان حقوق جميع الليبيين في حرية التعبير والتجمع السلمي دون خوف من الانتقام، داعين السلطات إلى إجراء تحقيقات شفافة ومحاسبة الجناة.