مقالات الرأي

الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية للصراعات والحروب الأهلية المسلحة

بقلم/ علي بوقرين

للأسف، ومنذ عقد ونصف، تتعرض البلاد، وبالأخص بعض المدن، لصراعات أهلية مسلَّحة تسببت في خسائر بشرية (كالوفيات والإصابات الجسدية وفقدان الأطراف والإعاقات)، ومادية، يفقد فيها الناس أحبتهم وبيوتهم وسياراتهم ومصادر أرزاقهم ووظائفهم. ويلجأ بعضهم إلى النزوح أو التهجير، وهي من الكوارث والأزمات الصعبة والقاسية التي يتعرض لها الإنسان، وتتسبب في مشاكل صحية ونفسية واجتماعية واقتصادية، يترتب عليها اضطرابات نفسية متعددة، منها القلق والاكتئاب، نتيجة الخوف والهلع من العنف وفقدان الأحبة والممتلكات الخاصة.

وتزداد الاضطرابات النفسية لدى الأطفال والنساء وكبار السن، وتؤدي إلى الإجهاد السام لدى بعض الأطفال، مما يؤثر على نمو الدماغ والقدرة على التعلم، ويؤدي إلى سلوكيات عدوانية، ويعاني بعض الناس من اضطرابات ما بعد الصدمة والخوف المزمن، ما يؤدي إلى اضطرابات النوم، والكوابيس، والرهاب من أصوات الأسلحة والانفجارات، وللأسف، تنتقل الآثار النفسية عبر الأجيال، وتزداد ظاهرة تعاطي المخدرات والكحول والعنف لدى البعض، كما يمر بعضهم بفقدان الثقة في المستقبل وعدم القدرة على التخطيط للحياة، وتزداد حالات الاكتئاب والانتحار.

وفي الحروب والصراعات الأهلية المسلحة، يتحول أحيانًا الجيران إلى أعداء، ويضطر البعض إلى النزوح، وما يترتب عليه من صدمة نفسية لفقدان السكن ومصدر الرزق والوظيفة، وفقدان الوثائق الشخصية والأشياء الخاصة، كما يعاني النازحون من وصمة اجتماعية ومشاعر الاغتراب، وما تسببه من ضربة قاسية للكرامة الإنسانية والهوية الاجتماعية، وقد يتحول النزوح المؤقت أحيانًا إلى تشرد دائم، وتتفتت الروابط الاجتماعية، وتزداد معدلات الطلاق.

إن الحروب والصراعات الأهلية تدمر البنى التحتية، كالمستشفيات والمدارس والجامعات والكهرباء والمياه، ويزداد انتشار الأمراض والوفيات في ظل غياب الخدمات الصحية ونقص الأدوية. كما يؤدي الدمار الذي يطال المحال والأسواق والمصانع والمزارع إلى انهيار اقتصادي، وارتفاع البطالة، وفقدان الدخل، ما ينعكس على الكرامة الإنسانية، وزيادة عمالة الأطفال والتسرب من التعليم. وتنشط الأعمال غير القانونية مثل التهريب، وتجارة المخدرات، والمشروبات الكحولية، وتجارة البشر، والأعضاء، والاستيلاء المسلح على مساكن ومزارع وأراضي الغير، واستغلال الفئات الضعيفة كالفقراء، والأرامل، والمطلقات، والأطفال، والمهاجرين.

لهذا، يجب تجنب الصراعات والحروب والعنف، واللجوء إلى الحلول السلمية في النزاعات بين أبناء الشعب الواحد، وتجنب كل أنواع النزاعات المسلحة داخل المدن وبين المدنيين الأبرياء. ومن الضروري حماية الناس والممتلكات العامة والخاصة، وتأمين المدارس والمستشفيات والبنى التحتية التي تؤمِّن الحياة للناس.

وعلى جهات الاختصاص تأمين العيادات النفسية، وجلسات العلاج السلوكي المعرفي، ومراكز علاج الإدمان، والمشورة، والدعم النفسي، وتكثيف برامج الدعم النفسي، وتعزيز التماسك المجتمعي والمصالحة، والتعويض العاجل والمنصف للمتضررين. كما يجب زيادة شبكات الحماية الاجتماعية، وتحقيق العدالة والمساواة، وإعادة النظر في التشريعات والقوانين والسياسات التي تعزز حق المواطنة، والرعاية الصحية، والتعليم، والأمن، وصون الكرامة الإنسانية.

الحروب والصراعات الأهلية المسلحة تدمر الحجر، وتقتل البشر، وتهشم الروح الإنسانية، وتفكك المجتمع، كم نحن في حاجة إلى الوعي والحكمة والعقل، صفات أهل الحل والعقد، نسأل الله السلامة والاستقرار، والأمن والأمان، والرخاء والازدهار.

زر الذهاب إلى الأعلى