مقالات الرأي

عذر أقبح من ذنب

بقلم/ أبو صالح الزوي

عندما تجد الساسة يختلقون الأعذار لوضع حلٍ لأزمةٍ هم من كان السبب في ظهورها وتحميل المواطن كافة التبعيات دون أدنى مراعاة للجانب الاقتصادي والإنساني فاعلم أن مصيبة كبيرة في طريقها لتحِلَّ بالجميع، وعندما يظهر علينا أكبر المحللين الاقتصاديين ليقول إن سبب التضخم في الاقتصاد الليبي هي ورقة الخمسين دينارًا التي تتداول في السوق دون أن يثبت المصرف المركزي بالدليل القاطع أنها مزورة، فقد تمت طباعتها في روسيا عندما كانت الميليشيات تسيطر على المصرف المركزي في ظل حكومة الأمر الواقع التي تعمدت أسلوب التهميش للمنطقة الشرقية وسط مركزية هدفها كان الإذلال لتظهر حكومة موازية بمصرف مركزي مستقل كان مضطرًاإلى توفير السيول النقدية بأي شكل من الأشكال، لكن الأمر الغريب وبعد أن استطاع مجلس الإدارة الجديد حل مشكلة توفير السيولة لتكون نهاية العام 2024 والربع الأول من العام 2025 نهاية لنقص السيولة الحاد لتصدر القرارات التي تنهي حياة الإصدارين الأول والثاني من فئة الخمسين دينارًا ليخلق المصرف المركزي أزمة جديدة سوف تظهر نتائجها وآثارها خلال عيد الأضحى المبارك والتي سوف يكون المصرف المركزي ملزمًا بصرف مرتبات أشهر أبريل ومايو ويونيو والتي تزيد قيمتها على 18 مليار، وجميع الحسابات بما في ذلك حسابات المرتبات الضمانية والتضامنية وكذلك المعاشات الأساسية لا تقل أرصدتها عن عشرة آلاف دينار، وبما أن السحب سيكون عن طريق المصارف وعن طريق الصراف الآلي فسيتم سحب السيولة النقدية من خزائن مصرف ليبيا إلى خزائن التجار وتجار العملة لتعود أزمة السيولة من جديدفي ظل عجز المركزي عن توفير احتياجات السوق المحلي من النقد الأجنبي الأمر الذي سوف يسهم في ارتفاع أسعار العملات مقابل الدينار ويزداد الأمر تعقيدًا.

إذا اتفقنا أن توفر مليارات من النقدي المحلي يسبب تضخمًا فلماذا لا ينطبق ذلك على الدولار الأمريكي الذي طبعت منه مئات آلاف من التريليونات ومراكز طباعة الدولار الأمريكي لا تتوقف عن الطباعة، ورغم ذلك لم نسمع بتضخم أو انهيار في الاقتصاد الأمريكي، مع العلم أن طباعة ورقة المائة دولار لا تتعدى بعض السنتات، اليوم بدأت تظهر نتائج سحب فئة الخمسين وشح السيولة في السوق وحتى مكاتب التحويلات لا تستطيع تلبية احتياجات الزبائن المتزايدة، وربما يعتقد البعض أنني ضد سحب ورقة الخمسين دينارًا من التداول، نحن ضد التوقيت غير المناسب لوقف التداول لفئة نقدية بالسوق المحلي تزيد على ثلاثين مليارًا، فتوقيت قرار السحب غير المدروس بعناية سوف يزيد تفاقم الأزمة المالية وتنخفض القيمة الشرائية للدينار، ويزداد الطلب على الدولار، بل ستظهر طبقة جديد من تجار العملة تحت شرعية المصرف المركزي.

مكاتب الصرافة ليس لديها منظومات لبيع الدولار ولا يجوز لها الحصول على المعلومات والبيانات الشخصية للمواطنين التي قد تستخدم في أغراض أخرى، وإذا كان المركزي هو المصدر الوحيد للعملة الصعبة ويشتكي مرارًا وتكرارًا من نقص وشح السيولة فكيف يمكن توفيرها في مكاتب الصرافة التي سوف تكون لها حصص شهرية من العملة الصعبة تباع خلال الأسبوع الأول من الشهر، ما يسهم في وجود السوق الموازي الذي سيكون المتحكم الرئيس في أسعار الدولار.

ليبيا عدد سكانها محدود مقارنه بدول الجوار التي تحيط بليبيا والتي يزيد عدد سكانها على 250 مليون نسمة، فالعمالة الوافدة هي السبب الرئيس في زيادة الطلب على الدولار وسيستمر كذلك ما دامت البلاد مفتوحة على مصراعيها في الجنوب والشمال، لماذا لم تتكلم الحكومات والبرلمان ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي على السفارات والقنصليات والمكاتب الشعبية في الخارج؟ لماذا لم يتكلم هؤلاء عن قيمة المرتبات العالية والحوافز والعلاوات؟ والإجابة لأن أقاربهم وأصدقاءهم هم من في تلك السفارات ويتقاضون مرتبات مرتفعة بالدولار، والمرتبات التي يعتقد المواطن البسيط أنها مرتفعة يطالبون برفعها لتصل إلى 50 ألف دينار في الشهر.

حتى لا أطيل عليكم فالحل يكمن في: إيقاف كافة الاعتمادات واحتكار المصرف المركزي لاستيراد السلع الأساسية والمحروقات بما يضمن استقرار الأسعار وتحديد هامش ربح محدد يعود على جميع الليبيين ويسهم في تدوير عجلة الاقتصاد واعتبار المصرف المركزي ضمن عجلة تدوير السيولة المالية لضمان ديمومية توفرها في كافة المصارف بشكل طبيعي واعتيادي وإيقاف اكتناز التجار لعشرات الملايين من الدينارات في خزائن خاصة كما حصل لفئة الخمسين دينارًا، وزيادة في سعر المحروقات بنسبة 100% بحيث يصبح سعر لتر الوقود 30 قرشًا، وتستمر هذه الزيادة حتى نهاية العام 2026 على أن يستمر الرفع التدريجي للوقود هذا الملف الشائك والمعقد حتىيصل سعر لتر الوقود إلى دينار على أن يقابل هذا الارتفاع زيادة في قيمة المرتبات بشكل تدريجي تصل إلى 25% عندما يصبح سعر لتر الوقود دينارًا واحدًا، وتشكيل لجنة لدراسة أوضاع السفارات بالخارج وإلغاء البعض وتقليص التمثيل الدبلوماسي بحيث لا يزيد على 5 موظفين لكل سفارة، على أن يكون هذا الإجراء إلى حين تنظيم انتخابات على مستوى الدولة الليبية، ربما يقول البعض إنني أحلم، ولكن أحلام اليقظة قد تكون أكثر وجعًا ومرارة من الأحلام أثناء النوم.

زر الذهاب إلى الأعلى