مقالات الرأي

قاطعوا الفساد والفاسدين

بقلم/ ناجي إبراهيم

الرأسمالية شرٌّ مطلق، ووباءٌ ما أصاب مجتمعًا إلا وانتشر فيه الفقر والجوع، وهي لا تتورع وفق قانونها (الغاية تبرر الوسيلة) في التحالف مع الفساد واستقطاب الفاسدين، وما نشهده من حراك يقوده الفاسدون من ميليشيات الاعتمادات هو شاهد على هذا التحالف القذر والرأسمالي الذي يجمع ثروته بالاحتيال من خلال سرقة العاملين والسطو على جيوب المستهلكين، والاستدانة من البنوك عبر قروض قصيرة وطويلة الأجل.

وفي بلد مثل ليبيا اقتصادها كما يصفونه ريعي ويقوم على مصدر واحد للثروة وهو النفط، فكلنشاط اقتصادي نشأ عنه فهو مشوه لأن أصل رأس المال يتشارك فيه كل الليبيين، فكان يجب أن تؤول مخرجاته وتعود عائداته إلى خزينة الشعب لا أن يحتكرها أشخاص لحساباتهم الخاصة ولأسرهم، فتلك توضع في خانة سرقة المال العام التي يعاقب عليها القانون.

ظهور بعض الأشخاص في بعض النشاطات الممولة من خزانة الدولة وبنوكها لا يعطيهم تميزًا أو عبقرية حتى يتدخلوا في الشأن العام ويقرروا ما هو صالح للاقتصاد وما هو ضار ويطرحون البدائل لمختنقات الخزانة العامة الذين هم سبب مباشر فيها، بسبب التحويلات والاعتمادات المبالغ فيها دون رقابة رادعة ومحاسبة عن هذا التدبير الذي أوصلنا إلى مد يد الحكومة لجيوب الليبيين للتغطية على عجزها وفشلها وتعويض الهدر الذي تحول إلى أرقام فلكية في حسابات الرعيض وحسني بي وطاطاناكي، وتماسيح آخرين يطفون على هامش حلبة السباق، ثرواتهم التي اكتنزوها وباسمها وضعوا أنفسهم في خانة رجال الأعمالوهم في الواقع (سراق للمال العام) أموال وعائدات النفط التي يحتكرها مجموعة قليلة من مافيا الاعتمادات، وفوق هذا، تسهيلات مفتوحة من القروض وتهرب ضريبي ونكوص عن استرجاع الديون، وفوق ذلك يرفعون الأسعار بما يوازي السوق السوداء ليربحوا مرتين مرة وهم يستحوذون على الاعتمادات بالسعر الرسمي ومرة وهم يسعرونها بأسعار السوق السوداء وفوق ذلك يطففون في المكاييل والموازين ويبيعون علبًا فارغة للمستهلك، عمركم شفتوا مرابي مخادع ونصاب مثل الرعيض، يحسد المواطن على دعم لتر بنزين، ارتفاع سعره سيرفع أسعار كل السلع ومواد البناء والأعلاف وكل شيء، والمواطن يعاني من تبعات تدني سعر الدينار.

الرعيض وأمثاله سيكونون أول من يتحجج بارتفاع أسعار الوقود والمحروقات ويرفعون أسعار منتجاتهم وما يوردونه أيضًا أضعافًا مضاعفة،والمتضرر المواطن في كل زيادة، الرعيض بعد أن أرغد وأزبد واجتهد لإيجاد حلول من أرشيف الرأسمالية (القارونية) للعجز الذي تعانيه المالية العامة، وقال ما أكتسبه بجهدي وعلمي فحل به ما حل بصاحب النظرية قارون الذي خسف به الله الأرض ولم تحمه خزائنه من غضب الله، فقوبل تصريح الرعيض برفع الدعم على الوقود بزلزال شعبي عارم وبمقاطعة شاملة لجميع منتجاته، وننتظر زلزال الرب الذي سيكون أشد وأعظم.

وفي تحالف مفضوح بين الفاسدين والرأسماليين قرر وزير (وزارة الرأسماليين) رفع الضرائب الجمركية على السلع والبضائع الموردة من الخارج ليحمي تجارة الرعيض، وجاءت هذه الضرائب الجمركية التي فرضها ما يسمى وزير الاقتصاد على السلع والبضائع المستوردة من الخارج كإجراء استباقي لحماية الفاسدين في الداخل ورفع أسعار هذه السلع سيتحمل العبء عنه جيب المواطن الذي يئن نتيجة انخفاض سعر الدينار.

كل تلك الإجراءات تصب في صالح الحكومة الفاسدة لإيجاد منافذ أخرى لجمع المال وحماية الفاسدين وإجبار المواطن على الرضوخ مستسلمًا يمشي على ركبه لا يقدر على مواجهة جميع هذه الضربات التي تكسر ظهره (ولن تقويه) ببطن فارغ يشحت رغيف خبزه من صندوق النقد الدولي الذي يملي على حكومة العملاء كل تلك القرارات.

من يعتقد أن تلك الإجراءات هي اجتهادات من حكومة جنيف والمتحالفين معها من تجار المشير فهو لم يستوعب الأهداف والغايات الإمبريالية الغربية التي تستهدف وضع يدها على النفط إنتاجًا وتسويقًا، وسنصل إليه عبر سياسات النهب والفساد التي تمارسها حكومات الصدفة والوصاية، قاطعوا الفساد والفاسدين حتى يرتد كيدهم على نحورهم.

زر الذهاب إلى الأعلى