عيد المرأة.. حضر الجميع إلا المرأة
بقلم/ عفاف الفرجاني
استفزَّني ذلك العنوان الذي تناقلته بعض وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الليبية، والذي يتحدث عن المشاركة النسائية لبعض القطاعات ومؤسسات الدولة التابعة لحكومة الدبيبة، مغتصبة السلطة في العاصمة طرابلس، في الاحتفال باليوم الوطني للمرأة الليبية الموافق 26 أبريل!
أشرفتْ على هذه الاحتفالية الخالية من المضمون والأهداف وزيرات الدبيبة، منهن وزيرة العدل التي عجزت عن تعديل قانون يخدم المرأة، أو عن إيقاف قرارات اخترقت القوانين، أو عن تفعيل بعض القوانين التي نحن في أمسِّ الحاجة إليها في هذه المرحلة العصيبة، بالإضافة إلى وزيرة الشؤون الاجتماعية، التي لا تتعدى كونها موظفة في الدولة، وكأن أقوى نشاط لها معرض للفنون التشكلية والحرف اليدوية .
والتي ليس لها حل وزيرة الدولة لشؤون المرأة، التي لُقِّبت في مناسبة سابقة بـ(ح . مطاعم) لحرصها الدائم للحصول على الدعوات الرسمية وغير الرسمية لزيارة المطاعم، صحبت بعض من يسمونهم (مشاهير من بلوجر وآرتيست)، بالإضافة إلى عدد من ضابطات وزارة الداخلية، وهنا سأتوقف قليلًا…
قرابة ثلاث عشرة سنة لم نرَ للضابطة الليبية أي دور حقيقي وفعَّال في مجالها، ولم تتقلد أي منصب رفيع المستوى في قطاع الداخلية، رغم وجود سيدات يحملن رتبًا عالية تضاهي وتفوق رتبة وزير الداخلية نفسه.
هذا غير الضابطات العسكريات اللاتي يتبعن المنطقة العسكرية طرابلس، والتي هي محور العمل العسكري في العاصمة، والتي يسيطر عليها اللواء 444 قتال، الذي همَّش وأقصى المرأة العسكرية لتصبح جليسة لأطفال الضباط العسكريين، وتجبر على التخلي عن بزتها العسكرية لتستبدل بجلباب أسود تعمل به داخل نادي المعسكر.
وزيرة شؤون المرأة في حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، ماذا تعرف عن المرأة ومعاناتها لتقيم احتفالية تدوس فيها على معاناة المرأة وتبرزها على أنها ذات الحظوة الاجتماعية والقانونية والسياسية!
إن تحشيد عدد من النساء لإظهارهن في محفل يدغدغ مشاعر الحكومة التي تحتضر في انتظار من يبلل ريقها بقطرات أمل يعيد إليها توهجها، هو تزوير وتدليس لواقعٍ معاش.
ماذا تعرف هذه السيدة عن إجراءات الحماية القانونية التي تحتاجها المدافعات عن حقوق الإنسان والخطر المحدق بهن! وعن ازدياد التهديدات التي تتعرض لها النساء، والجرائم التي ترتكب بحقهن طيلة الأعوام الفائتة بشكل تصاعدي! هذا غير العنف المتعمد ضد المرأة بسبب الرخصة الممنوحة للميليشيات من خلال إكسابهم صفة الشرعية داخل الأجسام الأمنية، التي من المفترض أن تكون الحامية والمدافعة عن النساء.
وسط هذه الفوضى الأمنية، وتصاعد وتيرة العنف، وإعادة توجيه الموارد العامة لمساندة الإنفاق العسكري بدلًا من الإنفاق المعيشي والمؤسساتي، الذي تتساوى فيه المرأة في الحقوق، بل وتتفوق على الرجل لخصوصية تكوينها البيولوجي الذي يجعل منها حاضنة ومربية لأبناء المجتمع، نجد المرأة تدفع في العاصمة وضواحيها ثمنًا باهظًا من حياتها اليومية المحاطة بالخطر حتى تبقى صامدة وقوية، في الوقت الذي تُرصد فيه حالات قتل متكررة وفي فترات زمنية قريبة، لتُقيد الجريمة ضد مجهول.
وقد سبق لمنظمة العفو الدولية أن وثَّقت كيف أن العسكرة الجارية للميليشيات في المناطق الغربية من البلاد قد أضرت بالنساء وعرضتهن للعنف الجسدي والنفسي. كما أن النزاعات المسلحة الداخلية المستمرة قلَّصت القدرة على الحصول على الخدمات الضرورية للمرأة في بعض المناطق.
إن هذا النمط من الحياة أصبح واقعًا معاشًا يميل إلى التأقلم الإجباري للنساء والفتيات.
قرارات الدولة الجديدة وسياساتها وممارساتها عملت على القضاء على المكاسب والحقوق التي سعت المرأة للحفاظ عليها طيلة العقود الماضية.
حكومة الدبيبة المغتصبة للسلطة، ومن سبقها من حكومات منذ 2011، عملت على تكوين مجتمع تتحول فيه النساء إلى مواطنات من الدرجة الثانية، وفق أيديولوجيتهم المتطرفة رغم ادعائهم عكس ذلك عند الضرورة، حيث يظهرون بمظهر مدني ومتحضر.
إن ترك قضايا النساء لمغموري السياسة والمتطرفين من الجماعات الدينية، وللنساء الباحثات عن الشهرة والظهور، سيجعل نساء الوطن عرضة للظلم والقهر والإقصاء. وإن تركهن بلا حماية من العنف الاجتماعي القائم، من شأنه أن يُلحق العار بجميع الرجال الذين هم الحماة الحقيقيون للمرأة الليبية.