العيد بعيون الغزاوية!
بقلم/ فرج بوخروبة
فرحة العيد ليست فرحة لصغيرنا دون كبيرنا أو غنينا دون فقيرنا، بل هي فرحة عمَّت الصغير والكبير، الغني والفقير، عيد الفوز برضا الله!
أثقلتنا الدنيا بهمومها وأحزانها، فيغمرنا العيد بفرحته ينسينا ما قاسينا من الهموم والأحزان، الذي نعيشها واقعًا تخلى فيه الإنسان عن أخيه الإنسان، وأخوة العرق والدين عروبة وإسلام وهم يستقبلون عيدهم بالبهجة والسرور، وإدخال الفرحة على ذويهم، يلاطفون صغارهم المغمورين بالهدايا الثمينة وشراء الملابس وغيرها من الأشياء الجميلة حتى تعم المحبة والمودة والرحمة بينهم، وهذا ليس بعيب ولا نقيصة! بل حق لهم وعليهم لأهلهم، يتواصلون مع بعضهم البعض، يتبادلون التهاني والتبريكات، وهذا من فضل ربي عليهم الذي حباهم بنعمة الأمن والسلام والاستقرار، والرخاء والازدهار، بينما الغزاوية يستقبلون العيد بعيون غائرة تسكب دموع الأسى والألم وثقل الأحزان والهموم، غمت عليهم الأيام والليالي الطويلة، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، ودارت عليهم الدوائر، يتذكرون أيامهم الخوالي وعزهم الذي ذهب، ومجدهم الذي كان!
الغزاويون يهللون ويكبرون لله مستقبلين عيدهم بالعوز والبؤس والفقر والجوع والخوف، يهللون ويحمدون ربهم، وأبصارهم شاخصة ترهقها ذلة، وقلوبهم تنزف من أثر الوجع، يهللون والألسن تلهج بالدعاء، والأيادي ترفع للسماء، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.
عدو يتجهمهم، وعالم مغيب الضمير والوجدان، لا نصير لهم ومعين غير الله الذي ينشدون غيثه وهم على يقين بنصرهم ولو بعد حين!
يقول الشاعر عمر أبو الريشة:
يا عيـدُ ما افْتَرَّ ثَغْرُ المجدِ يا عيد
فكيـف تلقاكَ بالبِشْـرِ الزغـاريـدُ؟
يا عيدُ كم في روابي القدسِ من كَبِدٍ
لها على الرَّفْـرَفِ العُلْـوِيِّ تَعْييــدُ؟
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي
قلوبنا من صنوف الهمِّ ألـــوان؟
ويقول الشاعر اللبناني إلياس فرحات:
يا عيدُ عدتَ وأدمعي منهلة
والقلبُ بينَ صوارمٍ ورماحِ
والصدر فارقه الرجاء فقد غدا
وكأنّه بيت بلا مصبــــــاحِ
يمشي الأسى في داخلي متغلغلًا
بين الضلوعِ كمبضعِ الجراحِ
ويختم الطيب المتنبي قائلًا:
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ