مقالات الرأي

أمة تتساقط.. بين فتاوى المفطرات وقنابل الصهاينة

بقلم/ رئيس التحرير


في الوقت الذي يُفترض أن تكون الأمة العربية والإسلامية في أوج وحدتها وقوتها خلال شهر الصيام وأعياده، نجدها غارقة في سجالات فقهية هامشية، ومنقسمة على نفسها، بينما تُراق دماء أطفال غزة واليمن تحت القصف الصهيوني والإمبريالي.

إن المشهد المؤلم الذي نعيشه اليوم ليس سوى انعكاس لتراكمات الهزيمة الداخلية قبل الخارجية، لانبطاح الساسة والنخب، ولغياب الإرادة الجماعية التي ترفض الذل وتواجه الطغيان.

لقد أصاب “الربيع العربي” الأمة في مقتل، وتحول إلى خريف دامٍ، كبل شعوبنا وزادها تشرذمًا وخنوعًا، وأسقط الأنظمة العربية التقدمية المناهضة للصهيونية والإمبريالية، ووصم الحركات الوطنية للمقاومة بالإرهاب، ونصب أتباعه ليترك الساحة مفتوحة للتدخلات الأجنبية تعبث كيفما تشاء.

الأمة اليوم، تواجه اختبارًا وجوديًّا: إما أن تستفيق من سكرات التخدير بالخطابات الانهزامية، والانشغال بالمظاهر عن الجوهر، وإما أن تظلَّ في ذيل الأمم، تُذبح كالشاة المرقومة بين أنياب الذئاب.

غزة تقاوم، واليمن يصمد، لكن أين صوت الأمة الموحَّد؟ أين غضبة الملايين التي تُزلزل عروش الطغاة وأسيادهم؟ لقد آن الأوان لتحويل الغضب من كلماتٍ تذرف الدموع إلى فعلٍ يُحرِّر الأرض والكرامة. فالشعب الفلسطيني لم يختر الحرب، لكنه يرفض أن يعيش على ركبتيه، وهذا درسٌ يجب أن نتعلمه جميعًا.

إن التحرُّر يبدأ بإسقاط أوهام التبعية، ومواجهة الانقسامات المفتعلة، وبناء وعي مقاوم لا يخشى سوى الله. فهل نستحق الحياة إن كنا نرضى بالذلِّ صاغرين؟ السؤال ليس عن “زكاة الفطر” أو “رؤية الهلال”، بل عن زكاة الضمير التي ندفعها لشهداء الأمة، فليكن “عيد الفطر” هذا بدايةً لـ”فِكْرٍ” جديد، يُحرِّر العقل قبل الأرض.

الدماء التي تسيل في غزة ليست دماءً فلسطينيةً فحسب، بل هي عارٌ على جبين كلِّ عربي ومسلم صام عن الغضب، ولم يفطر إلا على المسلسلات والحلويات، فمن لا يغيِّره ما يراه، فسيُغيِّره ما سيلاقيه.

زر الذهاب إلى الأعلى