مقالات الرأي

الدعوة إلى توطين المهاجرين

عبدالله ميلاد المقري

الدعوة القادمة من الخارج ومن إيطاليا بالذات التي تتمحور حول توطين المهاجرين الأفارقة القادمين من ما بعد الصحراء الكبرى ومن دول إفريقية في ليبيا، في ظل الحالة الليبية المنقسمة سياسيًّا على نفسها بعد سنوات من العدوان على السيادة الوطنية وتحويل ليبيا إلى مناطق جذب مخابراتي تغذيها مشاريع خارجية لدول لها مصلحة في خلق فوضى في ليبيا وفقدان السيطرة الكاملة على الحدود والمنافذ التي تحولت إلى بؤر فساد بوجود عصابات ومافيات محلية تسهم في المتاجرة بالأفارقة الذين يحلمون بالنعيم في الضفة الأخرى للبحر المتوسط، وبذلك يكون المنفذ الوحيد والسهل المتوفر لهم في أسلاكه، ولا يترتب على تحقيق ذلك إلا الصبر ومقابل آلاف الدولارات يمكن تعويضها في حالة الوصول الآمن إلى شواطئ هذا البحر بعد رحلة معاناة شاقة قد تأتي بمخاطر يفقد فيها البعض حياتهم مع ما اكتنزوه لهذا الغرض ليأتي في جيوب المافيا التي ترتب لهم رحلة النجاة، ولا يهمها أن تكون رحلة الموت عبر مسارات ملتوية من منطقة الانطلاق في بلدانهم الأصلية إلى منطقة العبور في مسالك الصحراء والمدن الليبية الساحلية على مسافة عرض الساحل الليبي وبعض المناطق التونسية.

ويعرف الجميع بمن فيهم المافيا الدولية والعالم أجمع أن قيام ما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية بخلط الأوراق لأجل السيطرة على السلطة بموجب مرجعية جنيف إلى محاولة قبول مقترح توطين الأفارقة في ليبيا حيث يُعبر عن طمع من في هذه السلطة بترضية إيطاليا ودول أوروبية متضررة من هذا الزحف القادم من إفريقيا عبر حدود بحرية يصعب مراقبتها، ويجعل من فكرة ذلك دعم هذه الشرذمة الفاسدة في الاستمرار في السلطة، ولا يهم إن كانت موافقتهم تضر بمصلحة ليبيا في سبيل مصلحتهم كعامل يحقق لهم مزيدًا من المال الفاسد، حتى وإن كان يهدد الوجود الليبي وهويته الوطنية.

لم يعد الليبيون يثقون في أي ممن يدير هذه السلطة، والحقيقة الكارثية ترجع إلى المجلس الانتقالي ومرورًا بالحكومات المتعاقبة، حيث تثبت الأدلة ذهاب شخوص هذه السلطة في جنوحها إلى رهان الوطن للأجنبي وبيع ليبيا لمن يلبي مطالبهم في البقاء في السلطة.

ويأتي التعامل مع موضوع الهجرة غير الشرعية بنوع من المهادنة، وهذا يمثل تحديًا خطيرًا لسيادة الشعب الليبي الذي تمنع القوانين الصادرة أن أي تعامل مع رعايا جنسيات أخرى غير الليبية بدعوى التوطين يمثل جريمة جنائية تلحق بأي من يعمل على ترويج هذه الدعوة من قبل أشخاص عادين أو اعتبارين يديرون الشأن الليبي العام.

ويتطلب التعامل مع هذا الموضوع الحذر وضمن حقوق الإنسان والعلاقات الأخوية مع دول الجوار، ولا يعني ذلك في إطار هذه المفاهيم الدولية أن تتحمل ليبيا وحدها مشكلة الهجرة غير الشرعية، فأمريكا وحدها بداية من إدارة ترامب تتحول إلى التعامل مع المهاجرين القادمين من الجنوب وبالذات عبر المكسيك حيث يتم ترحيلهم دونما البحث عن ظروفهم التي تطلبت القدوم إلى أراضي الولايات المتحدة الأمريكية، ومن هنا تفقد أي سلطة ليبية تدير الشأن العام أنها مسؤولة عن الإسهام في إحكام الخطر على ليبيا وشعبها الذي يعاني من ويلات هذه السلطة.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى