ملحمة غزة
بقلم/ ناصر سعيد
سطر أبطال غزة ملحمة تاريخية رغم كل التحديات والحصار وشح الموارد والإمكانيات في مساحة محدودة مكتظة، سجَّلوا خلالها صمودًا أسطوريًّا، وقد تجلَّت تلك الملحمة في إسقاط أسطورة “الجيش الذي لا يقهر” ومواجهة حرب الإبادة والتطهير العرقي بصبر وثبات رغم بشاعة ما تعرضوا له منذ ما يقرب من عام ونصف كانت آلة الحرب الإسرائيلية الجهنمية تنقض على القطاع تدميرًا وتخريبًا، وتُمعِن في السكان قتلًا وتشريدًا وتجويعًا ومطاردة، في واحدة من أبشع الحروب التي شهدها العالم وحشية وإجرامًا وانتهاكًا لكل القوانين الدولية.
ورغم بشاعة ما قامت وتقوم به “إسرائيل” حتى الآن، ظل المقاتل الفلسطيني صامدًا لم ينكسر أو يستسلم، وظلَّ الإنسان الفلسطيني متمسكًا بأرضه حتى الموت. وكما كان مشهد المقاتل الفلسطيني وهو يتوجَّه حافي القدمين نحو الدبابات والمجنزرات الإسرائيلية الغازية ليلصق بها عبوات متفجرة يحملها على كاهله، كان مشهد الإنسان الفلسطيني وهو يفضل الموت تحت أنقاض مباني غزة المدمرة وخيامها المبعثرة، على هجرة أرضه أو الرحيل بعيدًا عن وطنه.
مخطئ من يظنُّ أن استئناف العدو الصهيوني حربه المجنونة على قطاع غزة، التي أسفرت عن ارتقاء أكثر من أربعمائة شهيد في ساعاتها الأولى، هو بسبب رغبة نتنياهو في إطالة عمر ائتلافه اليميني المتطرِّف، بل ليجعل من دماء الفلسطينيين وأشلاءَهم “قاربَ نجاة” للخروج من بحر متلاطم الأمواج، يهدد مصير حكومته، ومصير المشروع اليميني الفاشي، المتعلق بالقضاء على الفلسطينيين ومقاومتهم، وإعادة صياغة “الدولة اليهودية”، على صورة الفاشيين الجدد ومقاساتهم، إن ما يفعله نتنياهو ليس سوى صورة فجَّة عمَّا يفعله ترامب، أو يهدد بفعله والذى يرتبط بتنفيذ خطة أمريكيةـ إسرائيلية مشتركة لحسم المعركة العسكرية على محور المقاومة في المنطقة، لتصبح إسرائيل شرطي الشرق الأوسط بلا منازع، كما أن نتنياهو فتح أبواب الجحيم على غزة إنفاذًا لوعيد ترامب، وتنصل من اتفاق وقف إطلاق النار للعودة إلى سياسة القتل في لإشعال حرب شاملة بالمنطقة، ولكن لفصائل المقاومة حسابات أخرى.
ختامًا نترحم على شهداء غزة ولبنان واليمن الذين ارتقوا نتيجة العدوان الصهيوني، ونحيِّي صمود الشعب الفلسطيني الصابر المكلوم الذي يستقبل عيد الفطر على وقع عمليات القصف المتتالية.
كل عام وغزة وأهلها بألف خير.. تقبل الله صيامكم، وكل عام وأنتم إلى النصر والحرية أقرب.