أزمة ارتفاع الأسعار تحرم المواطن فرحة رمضان.. وخبراء: الدولة تتحمل مسؤولية جشع التجار
كتب إبراهيم هارون
مع حلول شهر رمضان المعظم كل عام تشهد الأسواق ارتفاعا جنونيا في أسعار السلع الأساسية من قبل التجار الذين يستغلون حاجة الأسرة خاصة في المواسم والأعياد للتلاعب في الأسعار وتحقيق مكاسب من جيوب المواطنين الخاوية، حتى أن هناك كثير من الأسر لا تستطيع توفير حاجتها من السلع الغذائية في ظل تدني المرتبات وشح السيولة ونقص العملة الأجنبية.
“الموقف الليبي” استطلعت آراء عدد من الخبراء والمختصين حول هذه الأزمة غير الأخلاقية التي تهدد استقرار الأسرة الليبية وتحرم المواطن من فرحة قدوم الشهر المبارك وكذلك عيد الفطر نتيجة عدم مقدرته على توفير احتياجات أسرته وأبنائه.
من جهتها أكدت هدى الفريطيس إن ما نشاهده في الأسواق التجارية من غلاء وجشع يتناقض مع تعاليم الدين الإسلامي، مضيفة أن التجار يتخذون من رمضان فرصة لزيادة الأرباح من خلال رفع الأسعار.
وأشارت إلى أن التجار يستغلون قدوم الشهر الفضيل ويفاجأون المواطن برفع الأسعار التي تشمل كل المواد الأساسية وتستمر فاتورة رفع الأسعار حتى نهاية عيد الفطر.
ويقول الشيخ إبراهيم محمد إن التجار يخرجون على الناس مع قدوم شهر رمضان مستغلين حاجتهم ومن ثم يبالغون في رفع الأسعار واحتكار السلع وذلك مما نهى عنه الشرع، ولقد بين المولى عز وجل ذلك في قوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل” سورة النساء.
ويضيف إبراهيم أن السنة النبوية نهت عن احتكار السلع وقال رسول الله ﷺ: «منِ احْتَكَرَ حِكْرَةً يُريدُ أن يُغْلِيَ بها علىٰ المسلمينَ فهو خاطِئٌ» أخرجه الهيثمى فى مجمع الزوائد.
وأشار إلى أن الفقهاء اتفقوا علىٰ أن الحكمة في تحريم الاحتكار هي رفع الضرر عن عامة الناس، مضيفا يجب أن يتحلى المسلم بخلق سيد النبي صل الله عليه وسلم فى الرحمة والتعاون خاصة في الشهر الفضيل.
وتقول الدكتورة أمينة المريمي إن المجتمعات فى كافة أرجاء الأرض تتكون من طبقات متفاوته مابين فقراء وأغنياء ومتوسطة، ولابد للتجارة مراعاة هذه الفوارق الاجتماعية من خلال وضع هامش بسيط للربح بدلاً من الصراع على رفع الأسعار لتحقيق أرباح دون مراعاة الطبقات الاجتماعية الفقيرة ومحدودي الدخل.
وتضيف أن رب الأسرة قد يقف عاجزا أمام تلبية احتياجات أبنائه خاصة في شهر رمضان والأعياد هذه المواسم التي تحتاج إلى أنفاق كثير.
ويقول الدكتور أنيس سعد مسعود الزير إن الشريعة الإسلامية نهت عن كل سبيل يهدف من ورائه إلى رفع السعر أو التلاعب من قبل فئة قليلة على حساب أصحاب الحاجة من عامة الناس، فحرمت الاحتكار لضرورات الناس وحوائجهم الماسة، كما حرمت المزايدات الصورية وغيرها من السبل التي تهدف إلى رفع السعر عن الحد المعقول.
وأشار إلى أن الشريعة الإسلامية أجازت تسعير السلع والضروريات الأخرى التي يحتاج إليها الإنسان حاجة ضرورية إذا تعدى أصحابها في أثمانها تعدياً عن الحد المعقول دفعاً للضرر الذي يلحقهم في ذلك ومن المقرر في الشريعة الإسلامية “أن المصلحة العامة أولى من المصلحة الخاصة”.
وتابع أن المصلحة العامة تعني الشمول فهي لا تختص بفرد معين أو مجموعة أفراد ؛ بل تشمل أمة بأسرها، إذ هناك فرق بين السعر والتسعير فالسعر هو عبارة عن القيمة التي يريدها البائع لسلعته في الأسواق المشبعة لرغباته ويوصف السعر بالغلاء تارة وبالرخص تارةً أخرى، أما التسعير فهو تقدير قيمة الشيء المبيع وتثبيت ثمنه الذي يستحق في مقابله المبيع.
وقال الزير إنه يكمن علاج غلا الأسعار بإتباع الطرق الآتية:
1- إيجاد وحدات مختصة بتحديد الأسعار في الجهات ذات العلاقة مثل وزارة التجارة والصناعة وغيرها.
2- تفعيل دور الوحدات المختصة بمراقبة الأسعار بتكثيف الجهود الرقابية واستخدام كافة السبل المناسبة لكشف مخالفي التسعيرة التي تحددها الدولة.
3- ضرورة نشر الأسعار المحددة من قبل الدولة في وسائل الإعلام المختلفة وإلزام الباعة بوضع الأسعار المحدد في لوحة حائطية وتعليقها في مكان واضح في المحل.
4- إنشاء وحدة خاصة لمراقبة العوائق والأسباب الطبيعة المؤثرة على الأسعار في الأسواق لكي تتمكن الدولة من التدخل في الوقت المناسب لتعديلها وحماية الباعة والمستهلكين عند تقلب الأسعار.
ويوضح أبوبكر القبائلي، عند المقارنة بين غلاء الأسعار والمواطن محدود الدخل، يجب أن نقف مع المواطن وإيجاد الحلول له بأي طريقه من أجل حياة كريمة، ونعلم أن البيوت لا تسعد ألا بتوفير احتياجاتها الأساسية من السلع ويتزمر المواطن من غلاء المعيشة.
وأشار إلى أن المسؤل الأول والأخير عن ارتفاع الأسعار هي الدولة وخير دليل الجمعيات الإستهلاكية ويجب على الدولة وضع ضوابط للتجار في البيع والشراء وتفعيل جهاز الرقابة والحرس البلدي وضمان وصول السلع الأساسية إلى المواطنين.
فيما يرى رمضان أمنينة أنه في ظل أزمة نقص السيولة وأرتفاع سعر الدولار لم يعد يخفى علي أحد من الليبيين أن الأسعار في زيادة رهيبة، لاسيما خلال شهر رمضان المبارك وبالأخص سعر اللحوم والدواجن وحتي السلع التموينية رغم
تقديم الحكومة للحلول التي تخفف من حجم المعاناة عن المواطن.
وأشار رغم تقديم المنح الاجتماعية للأبناء والبنات والزوجات إلا أن ارتفاع الأسعار زاد الأمر سوءاً، حيث أن التجار استغلوا الفرصه لرفع هامش الربح للسلع والبضائع، ولم يعد الراتب يكفي في ظل جنون الأسعار.
ويرى حمدي التاوسكي أن غلاء الأسعار ظاهرة تزداد عند قدوم الشهر الفضيل، نظرا للإقبال عليها من جانب الأسر الأسرة وهي الفرصة التي يستغلها أصحاب المحلات يستغلون الفرصة برفع السعر.
ويقول الشيخ أحمد محمد الحسني إن الغلاء امتحان من الله تعالى للعباد، وهو امتحان متكرر للبشر جميعا على مدى الدهور والأيام، وإنما الغلاء يزيد بإقبال الناس ويقل بإعراضهم، ولتذكر ما حدث في عهد الفاروق عمر رضي الله ـ وزير الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم حينما اشتكى الناس من ارتفاع اللحم فأجبهم دعوه يرخص لكم، ومن عادة الناس في زماننا الاستعداد بغذاء الأجساد دون غذاء الروح والقلب، وإن الشرع الحنيف رغب في التزود لعدم سؤال الناس؛ ولكن كذالك أكد بإن خير الزاد: التقوى هو الخير.