مقالات الرأي

قرعات الأجراس

بقلم/ سالم أبو خزام

من المؤكد أن الكثير من الليبيين يشعرون بمرارة، هي الأقسى على النفس، والجميع يلاحظ حالة من الإحباطات المتضافرة التي تواكب العملية السياسية في بلادي.

إن ما تحدث به عضو المجلس الرئاسي مؤخرًا كان بمثابة لطمات تاريخية قاسية جدًّا على النفس، وطعنات تحملتها (فزان) في جسدها المثخن بالجراح وبجناحها المهيض الذي جعلها اليوم هي أضعف الحلقات في كل قراءات المشهد السياسي الليبي برمته، وعضو المجلس الرئاسي وبكل أسف سجل على نفسه دعوة جادة لبداية تقسيم ليبيا، ربما ودون أن يعرف أو يعلم! حيث دعا إلى عودة لتجربة الفدرالية التي خاضتها ليبيا وهي دولة ناشئة حديثة سابقًا خارجة لتوها من سنين الظلام والجهل والتخلف حينئذ، مكبلة بمجموعات مرتهنة للأجنبي وتعمل على تنفيذ تعليماته، ودعا إلى العودة نحو الخلف مرة أخرى، هو عبارة عن سيناريو ردده كثير من الليبيين الذين بذلوا جلودهم واستجابوا إلى تعليمات أسيادهم توطئة لتقسيم ليبيا مجددًا، أي أن الفيدرالية هي خطوة قبل الأخيرة نحو تقسيم الوطن، وتلك الخطوة يراها أنصار هذا الاتجاه تسهيلًا عليهم بإتمام المهمة، وبعبارة أخرى فإن عضو المجلس الرئاسي قد ركب معهم بنفس القارب المخادع.

إن (الفدرلة) بمثابة القبول بالتقسيم لاحقًا، وعلينا أن ندرك أن التقسيم سيجعل فزان عرضة لأن يلتهمها الطوفان الأسود دونما شك، وهناك أسباب كثيرة مشجعة حينئذ، وأن الفيدرالية لدولة ضعيفة وهشة كليبيا سيجعلها تهوي نحو القاع بسرعة رهيبة، وستمزقها أنياب الطامعين وتنهيها إلى الأبد، ولن يعود الاستماع إلى صوت عضو المجلس الرئاسي نهائيًّا، خاصة بعد أن أعطاهم شرعية تمزيق ليبيا بكل أسف، وكان أمام عضو المجلس الرئاسي خيارات أخرى شريفة تصون وحدة ليبيا وتحميها منها:

التوجيه نحو اختيار نظام المحافظات باختصاصات قوية إدارية ومالية وضرب المركزية، خاصة إذا تم اختيار قيادات فعالة تخشى على مصلحة بلادها وتستجيب لها، وأن يتصدى عضو الرئاسي ومن معه لهذا العبث المالي المفضوح الذي ضرب أطنابه في كل مفاصل الدولة الضعيفة، إلا أن الضعفاء يبحثون للمرور إلى طرق أخرى تجنبهم كل هذه المواقف النبيلة بكل أسف، والجميع يلاحظ ويتابع إهدار المال العام بالمليارات دون أن ينبس شركاء المسؤولية التاريخية بكلمة واحدة وعلى العلن!

تحدث آخرون عن المساحات الجغرافية الشاسعة حيث بالإمكان تعبئتها بفتح الباب أمام المهاجرين الأفارقة لحسم مشكلاتهم المتنوعة والمتعددة في وطنهم العزيز ليبيا، معللًا ذلك بروعة الدين الإسلامي السمح، لإحداث نمو ديموغرافي، غابت تداعيات ذلك عنه! ولم يعقد رئيس الحكومة مؤتمرًا صحفيًّا ليعلل أفكاره النادرة ويشرح وجهات نظره المتميزة، أمام المختصين، ليستمع إلى السجال الغاضب، وهو ما قد يرد إليه وعيه! ومن المهام (تكرار) أن هذا الطرح يقصد إسماع الآخرين من (الأجانب) استعدادنا للتوطين والمجيء بالملايين من الأفارقة لحسم اختناقاتهم على حساب تجويع أهلنا وكل شعبنا، وهذا الجرس ربما يهدف إلى الحلول السهلة السريعة في مقابل البقاء في كرسي الحكم وتبذير أموال شعبنا بالكامل.

ليبيا لأهلها وشعبها وقواه الوطنية من الرجال والنساء، فهؤلاء جميعًا على أتم الاستعداد لخوض معركتهم الأخيرة مهما كانت التضحيات! ليس لشعبنا من طريق أبدًا ولا خيارات متاحة غير الوقوف خلف قواتنا المسلحة العربية الليبية، سياسيًّا وعسكريًّا وأمنيًّا أيضًا، فالمشروع الليبي الذي يحمى الوطن وثرواته وحدوده ويقود الدولة بشجاعة نادرة، ويوقف كل هذه (الترهات) لا شيء أبدًا سوى القوات المسلحة العربية الليبية، ولنكن جميعًا في خنادقنا معها، هذا نداء من القلب ليصل إلى كل القلوب لإعادة الحق إلى أصحابه!

زر الذهاب إلى الأعلى