أسد وحوت.. عصابة منظمة
بقلم/ عفاف الفرجاني
تعمل منصة تيك توك باستراتيجية خبيثة في تسهيل عمليات معقدة وجريئة تستهدف فئة معينة من الأشخاص على مستوى العالم، من بين هذه العمليات غسيل الأموال، صدمتني بعض الحقائق التي كنت أجهلها عن هذا التطبيق ومدى خطورتها، الأمر لا يقتصر على دولنا العربية فحسب، بل هو تنظيم إجرامي عالمي بإتقان.
خلال القبض على “تيك توكر” تركية شهيرة (هناك) بتهمة غسل الأموال تقدر بأكثر من 82 مليون دولار، وأيضًا ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية بالقبض على عصابة تخصصت في عمليات غسيل الأموال من خلال “التيك توك”، وأيضًا ما فعلته المملكة العربية السعودية والكويت بالقبض على مشاهير يستخدمون هذا النشاط، وصدرت فيهم أحكام قضائية بتهمة غسيل الأموال، جميعهم أكدوا ما أوضحته التيك توكر الكينية “نجابي” بأن منصة التيك توك يتم من خلالها غسل الأموال من خلال الهدايا الافتراضية، من حسابات إلكترونية وهمية وأسماء كودية تدار لتمنح هدايا افتراضية قيمتها ملايين الدولارات في جولات لا تتعدى خمس دقائق، بدوره يقوم التيك توكر الشهير بتحويل تلك العملات إلى أموال لتتحول تلك الأموال غير المشروعة إلى أموال مشروعة يمكن إعادة تحويلها إلى الداعم بشكل قانوني بعد أخذ نسبة من المال واقتسامها بين التيك توكر والشركة المصممة للتطبيق، دون اكتشاف من السلطات المحلية.
جل داعمي التيك توك ليسوا معروفين، ولا يكشفون عن وجوههم، الصادم أكثر والذي لم أستوعبه كمواطنة ليبية بلادها تعاني مختنقات أمنية وسياسية واجتماعية أنه ومن ضمن أشهر خمسة داعمين على مستوى الوطن العربي اثنان منهم ليبيان!! وهذا ما يوكده بعض التيكتوكرات مثل المعروف ب (ك) اعترف أنه الرقم 1 في برنامج التيك توك على مستوى ليبيا، وعندما سئل عن أعلى دعم له أجاب من 30 إلى 40 ألف دولار في جولة واحدة مدتها 5 دقائق ما يُقارب (200 ألف دينار ليبي).
السؤال الذي يطرح الآن؟
ماذا يستفيد الداعم وهو لا يخرج إلا بصوت مفلتر ووجه افتراضي!! ليرمي أسدًا أو حوتًا أو نجومًا؟
وجل المشاهير يؤكدون أن الداعمين شخصيات مجهولة تحمل حسابات وهمية!
ومن هو التيكتوكر المشهور الذي يقدم له هذا الدعم كله؟ وما محتواه؟!
قد يظن البعض أن العملية تأخذ منحى أخلاقيًّا بمفهومه النمطي مثل استمالة الشباب والشابات إلى أعمال الرذيلة، هي واردة عند الداعمين المبتدئين ومتاحة دون حتى هذا التطبيق!! ولكن عند الداعمين الكبار الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد وهم رمزية لتشكيلات إجرامية يحققون أهدافًا سريعة وبدون أثر قانوني، أولها غسيل الأموال وآخرها إسقاط منظومة القيم.. هذه عصابات منظمة تقودها دول وليس أشخاص لدعم الجريمة والإرهاب وإثارة الحروب، فهذا التطور السريع والمخيف في منهجية الجرائم المنظمة وخاصة الإلكترونية يجعل عمليات غسل الأموال سهلة، ولكن مكافحتها تتطلب جهودًا دولية ومحلية، وعلى رأسها حجب التطبيق محليًّا في كل دولة ترغب في الحفاظ على أمنها القومي، هذه الجريمة تفتح مجالًا لضخ أموال العصابات والمنظمات الإرهابية والجرائم المنظمة لتدمير البلدان والشعوب، وإن الحجب يدخل ضمن مصادرة الحريات الإلكترونية كما سيدعي رواد هذا التطبيق، هناك خطة أخرى اتّبعتها الحكومة في العراق تأتي بالتصدي للواردات المالية التي يجنيها مستخدمو التطبيق من خلال المكافآت والمزايا التي يتم تقديمها لهم بناء على التفاعل مع الداعم والتيكتوكر والتي يتم تحويلها إلى أموال حقيقية، هذه الخطوة تعزز دور المصارف للامتثال للوائح مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التي ستدفع بها أجهزة الأمن القومي أولًا في أي بلد يريد حماية نفسه، الكارثي هنا أن كل الداعمين المخفيين يشجعون صناع المحتوى ذوي التأثير السلبي على الجمهور وعلى الجودة التعليمية والترفيهية، أو حتى القدرة على إثارة التفكير.
في تقديري أرجو أن يتخذ المصرف المركزي في ليبيا إجراء أسوة بالتجربة العراقية لحماية شبابنا وأمننا القومي الذي لا ينقصه إلا تطبيق ماسوني إجرامي يكمل المخطط الغربي لتدمير ليبيا.