مقالات الرأي

على أهلها جنت براقش

بقلم/ أبو صالح الزوي

ليس من باب التشاؤم، ولكن الواقع والحقيقة يقولان إن حال العرب لا يسر عدوًّا ولا صديقًا، عندما تجد العرب يتباكون ويتكالبون على إيقاف الحرب في أوكرانيا ليس لشيء إلا لأن ترضى عليهم أمريكا ورئيسها المختل عقليًّا ترامب، وفي المقابل غزة تم تدميرها وحرقها أمام مسمع ومرأى العرب من المحيط إلى الخليج، بل ربما بعض دول الخليج كانت تشاهد أعمدة الدخان المتصاعد من غزة ولم نسمع أو نشاهد الدول الكبرى أو منظمات حقوق الإنسان تدعو إلى استضافة أي قمة من أجل إيقاف فتيل الحرب، بل تعلن السعودية عن استثمار ستمائة مليار دولار في أمريكا حتى يرضى عنهم محور الشر في العالم، بل ويطالب الرئيس الأمريكي إلى زيادة القيمة إلى ترليون دولار. 

إن وقوع الدول العربية في مستنقع الخيانة الذي يقوده العملاء نيابة عن الكيان الصهيوني نسف كل الجهود القومية والوطنية التي كان يقودها ويتبناها بعض الزعماء العرب مثل جمال عبدالناصر، صدام حسين، ومعمر القذافي، وأن ما يسمى بالربيع العبري الذي اندلع في الدول العربية كاندلاع النار في الهشيم كان يقوده حفنة من العملاء من أبناء جلدتنا، كانوا يعيشون معنا وينقلون كل أفكارنا وأسرارنا إلى العدو حتى ينتهز الفرصة لينقض علينا في الوقت المناسب، بل كان بعض هؤلاء العملاء من الذين نثق بهم وكانوا مقربين من كواليس صنع القرار أمثال شلقم والمسماري وعلى شاكلتهم الكثيرون، فسقوط العراق في تسعينيات القرن الماضي فتح المجال على مصراعيه لسقوط متتالٍ لباقي الأنظمة العربية أشبه بتساقط قطع الدومينو، وبالرغم أن ليبيا لم تكن من دول الطوق فإن سقوط الدولة بها مثل انتكاسة حقيقية لكل حركات التحرر في العالم، وقضى على آخر معاقل القوميين العرب.

ربما ما حدث في القمة العربية الأخيرة خير دليل على أن بعض الأنظمة العربية لا يهمهم إلا بقاؤهم في سدة الحكم، بل إن غياب البعض كان بتعليمات مباشرة من البيت الأبيض، وعلى الرغم من أن الشعوب العربية أصحبت شعوبًا مسلوبة الإرادة تم تفريغها من انتمائها العربي ومحتواها الفكري والديني وأصبحت تركن إلى الذل والهوان الذي يريده لهم حكامهم والذين ولدوا لديهم كره الأوطان، بل تولد لدى البعض قناعة بعدم الرغبة في الدفاع عن الوطن، وهذه الأنظمة والعائلات الفاسدة التي تتصدر المشهد، بل إن البعض اطلع على مشاركتهم في تدمير العراق واليمن وليبيا وسوريا والسودان، وفي المقابل تعمل الدول الغربية وزعيمة الشر أمريكا على تسليح الكيان الصهيوني بأحدث أنواع الأسلحة وامتلاك ترسانة عسكرية تجعل من تحرير فلسطين أمرًا شبه مستحيل، بل إن تحريرها يحتاج إلى معجزة ربانية من الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، موازين القوة على الأرض غير متكافئة، زد على ذلك أن مسألة الموت من أجل الدفاع عن الوطن لم تعد مقنعة عند الأغلبية المطلقة من الشعوب، فبراقش كانت كلبة، وما أكثر الكلاب لدينا، وقد أغار قوم على قومها، فنبحت، فنبهت قومها، فقاموا، وذهبوا إلى مغارة؛ ليختبوا فيها، وعندما جاء اللصوص أخذوا يبحثون عن أهل القرية، ولم يجدوا أحدًا، وعندما هموا بالانصراف نبحت الكلبة براقش، فانتبه لها اللصوص، فقتلوا عددًا من قومها، وقتلوها أيضًا، فقيل: جنت على أهلها براقش، وهذا هو حكام العرب عندما يتخلص الأعداء من شعوبهم سيكون الدور عليهم ويجنون علينا وعلى أنفسهم وما أكثر البراقش فينا.

زر الذهاب إلى الأعلى