مقالات الرأي

تحديات ومخاطر الهجرة والتوطين

بقلم/ ناصر سعيد

الهجرة غير النظامية قضية معقَّدة ومتعددة الأبعاد، حيث تشكِّل ليبيا نقطة عبور رئيسة للعديد من المهاجرين واللاجئين الذين يسعون إلى الوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة والصراعات في دول إفريقيا، وانعكاس آثار الاستعمار القديم الذي سلب ونهب ثروات شعوب القارة ولا يزال، إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا منذ عام 2011م، الذي أدى إلى انهيار الدولة وانتشار الفوضى وغياب سلطة قادرة على بسط السيطرة على الحدود، ما جعل ليبيا نقطة جذب للمهربين والمهاجرين غير الشرعيين، بل أصبحت هناك شبكات إجرامية منظمة تقود عمليات تهريب البشر، مستغلةً اليأس الذي يعيشه المهاجرون لتحقيق أرباح كبيرة، وما يتعرضون له من ظروف قاسية خلال رحلتهم، بما في ذلك الجوع والعطش والتعرض للعنف والاعتداءات الجنسية، والاحتجاز في مراكز غير إنسانية، كما تعدُّ الرحلات عبر البحر المتوسط خطيرة للغاية، حيث يغرق العديد من المهاجرين أثناء محاولتهم الوصول إلى السواحل الأوروبية.

إن التحديات التي تواجه ليبيا اليوم كبيرة جدًّا، ومنها غياب سلطة مركزية قوية ما يعوق أي جهود تهدف إلى معالجة قضية الهجرة غير الشرعية بشكل فعال، إضافة إلى التعقيدات الأمنية وانتشار المجموعات المسلحة، ما يجعل من الصعب فرض القانون، إضافة إلى ما يمارسه الاتحاد الأوروبي من ضغوط على ليبيا لوقف تدفق المهاجرين، من هنا أصبحت المخاطر تتضاعف وتتهدد الأمن القومي الليبي خاصة بعد الدعوات إلى توطين المهاجرين في ليبيا في محاولة تغيير التركيبة السكانية في مناطق معينة والمساس بالهوية الثقافية والاجتماعية، وتغذية النزاعات، وانتشار الأمراض والسلاح وزيادة معدلات الجريمة، ومدخل لتسلل المرتزقة والجماعات المتطرفة وتنفيذ أعمال إرهابية، واستخدام التوطين كأداة سياسية لتعزيز النفوذ الدولي بمناطق الجنوب، والاستيلاء على الموارد الطبيعية، ومضاعفة حدة الفقر والبطالة بين السكان الأصليين ودفعهم إلى النزوح.

في ظل عدم وجود استقرار سياسي ومؤسساتي، وبعيدًا عن خطاب الكراهية نحو المهاجرين من أبناء القارة الذين عانوا ويعانون نتائج التدخل الأجنبي في بلدانهم كما حدث في ليبيا.. علينا نحن الليبيين اليوم أن نقف بقوة وحزم لمنع مؤامرة توطين الأجانب ودعوات التقسيم وإسقاطها كما تم إسقاط مشروع التطبيع، وهذه دعوة ونداء للقوات المسلحة لحماية الوحدة والسيادة الوطنية، فمواجهة التوطين والتغيير الديموغرافي معركة لا تقل أهمية وضرورة عن معركة التنمية وإعادة الإعمار.

زر الذهاب إلى الأعلى