مقالات الرأي

التوعية الصحية المجتمعية 

بقلم/ علي المبروك أبوقرين

التوعية هي عملية منهجية لنشر المعارف الصحية والوقائية بين أفراد المجتمع، لتمكينهم من صحتهم وتعزيزها لهم والمحافظة عليها، وقدرتهم على اتخاذ القرارات الصحية الصحيحة لبناء مجتمع صحي، وتقليل عبء المرضى على المجتمع وعلى النظام الصحي، والتوعية الصحية هي حجر الأساس لنظام صحي قوي وفعال ومستدام، لأهمية التوعية في تغيير السلوكيات والعادات غير الصحية، وتعزيز أنماط الحياة الصحية.

والتوعية الصحية مسؤولية مشتركة بين الحكومة والسلطات الرسمية، والمنظمات الأهلية ووسائل الإعلام المختلفة، والشخصيات الاجتماعية المؤثرة، والمؤسسات الأخرى تعليمية وصحية وكشفية والهلال والصليب الأحمر وغيرهم من جهات فاعلة. والتوعية تحتاج إلى استراتيجيات واضحة تلبي احتياجات الناس وتتخطى التحديات الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وتعمل على دمج مفاهيم الصحة العامة والوقاية من الأمراض في المناهج الدراسية بكل المراحل، وبالأنشطة الثقافية والبرامج الإذاعية والمرئية والأعمال الفنية، والتوسع في ورش العمل بالوحدات والمراكز الصحية والأندية الاجتماعية والرياضية وداخل التجمعات السكانية، واستخدام المواد الإعلامية المتعددة، والقصص الواقعية والتجارب الشخصية، والتطبيقات التكنولوجية الذكية الموثوقة، ومنصات التواصل الاجتماعي المضمونة، والحملات التفاعلية المستمرة بالمتخصصين الصحيين والمؤثرين اجتماعيا وثقافيا، والبرامج الحوارية المتخصصة (أطباء وخبراء التغذية والرياضة والمشورة النفسية وخبراء الأوبئة وخبراء البيئة)، واستخدام الواقع الافتراضي لمحاكات الأضرار الناتجة عن السلوكيات والعادات غير الصحية، وهذا يتطلب العمل على السياسات العامة والتشريعات والقوانين الداعمة للصحة وتعزيزها، وتعزيز برامج مكافحة التدخين والمخدرات والكحوليات والأغذية والمشروبات الضارة لأسباب عدة، وتمنع البيع والتسويق والإعلانات الترويجية للسلع والمواد الضارة بصحة الإنسان والحيوان والبيئة.

والبيئات المعيشية هي التي يولد ويتربى ويكبر ويتعلم ويعمل ويعيش فيها الإنسان من المهد إلى اللحد، ومن الأهمية أن تكون البيئات المعيشية صحية وخالية من جميع أنواع التلوث في الماء والغذاء والهواء والسمع والبصر، وتكون في مخططات سكانية صحية بعيدة عن التكدس والعشوائيات، وتتوفر بها مصادر لمياه الشرب الصالحة، والصرف الصحي الصحيح، وتدوير ومعالجات صحية للنفايات بكل أنواعها، والاهتمام بالبيئة والغطاء النباتي والمضامير الرياضية.

والتوعية مهمة جدًّا للبيئات المعيشية الصحية لتحسين الصحة العامة وتعزيز الاستدامة البيئية وزيادة الوعي الاجتماعي حول أهمية التكافل وحماية البيئة ودعم السياسات الصحية البيئية الحكومية، والالتزام بالقوانين الصحية والبيئية.

إن التوعية الصحية المجتمعية تسهم في تعزيز الصحة للفرد والأسرة والمجتمع بتغيير السلوكيات والعادات غير الصحية وتحويلها إلى أنماط حياتية صحية في التغذية السليمة، وممارسة الرياضة، والكشف المبكر على الأمراض، والتطعيم والتحصين، والوقاية من العدوى، والنظافة الشخصية والعامة، والابتعاد عن التدخين والمخدرات والكحوليات، والاهتمام بالصحة النفسية وتقليل الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالأمراض النفسية والجينية والوراثية والمناعية، وحسن إدارة التوتر والقلق ودعم أساليب الحياة الهادئة والمنتظمة، ولتحقيق أهداف التوعية الصحية والبيئية لتحسين جودة الحياة وتقليل الأمراض وعبئها المادي والنفسي والمعنوي على المجتمع والنظام الصحي، ضرورة أن تقوم الوزارات والمؤسسات والهيئات الرسمية والأهلية والجهات المؤثرة بدورها، وتوفير الإمكانيات اللازمة لتجاوز التحديات وجعل التوعية عملية منهجية مستمرة ومستدامة، لتتحول المعرفة إلى ممارسة واقعية لمجتمع صحي، فالوعي هو الخطوة الأولى والأساسية نحو التغيير للأفضل، والصحة أساس للتنمية.

زر الذهاب إلى الأعلى