الصحة وأنماط الحياة
بقلم/ علي المبروك أبو قرين
أنماط الحياة التي نحن بصددها هنا هي السلوكيات والعادات اليومية التي تؤثر سلبًا على الصحة الجسدية والعقلية والنفسية، والتي تزيد من خطر الأمراض المزمنة وتعظم المشاكل الصحية القائمة، وتسهم في انتشار الأمراض المعدية، وتقلل من فرص مكافحتها.
وهذه الأنماط غالبًا ما تكون مرتبطة بالخيارات الفردية أو بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ومنها التغذية غير الصحية كمًّا وكيفًا، والاعتماد على الأغذية المصنعة وفائقة التصنيع والجاهزة والمشبعة بالدهون غير الصحية، والسكريات المكررة والمحسنات الكيميائية، والزيوت المهدرجة والمشروبات الغازية، والأطعمة التي لا تتوفر فيها معايير السلامة والجودة والأمان لا في أساس مكوناتها ولا مراحل التعامل معها زراعة وتربية وتصنيعًا ونقلًا وتخزينًا وتعبئة وتغليفًا وتقديمًا، وتجنب أو الامتناع أو الإقلال من الخضراوات والفواكه العضوية والموسمية الطازجة، وكذلك توفر المياه الصالحة للشرب ومصادرها وتعبئتها وعرضها وتداولها، أو عدم القدرة على الحصول على الحد الأدنى من الأغذية.
ومن السلوكيات والعادات النظافة الشخصية والحرص على غسيل الأيدي باستمرار والتطهير والابتعاد عن كل أنواع التلوث، واتباع الاحتياطات الاحترازية في التعامل مع الملوثات في العمل والسكن وأي بيئة معيشية، ومن السلوكيات السلبية والمؤثرة في الصحة التدخين بكل أنواعه وأصنافه وطرقه، وتعاطي المخدرات والمشروبات الكحولية، والخلود إلى الخمول والكسل وعدم ممارسة الرياضة والحركة، والتعود على الجلوس لفترات طويلة بالعمل والبيت والمقاهي والمطاعم والسيارات، والتوتر والقلق الدائم، والعمل وممارسة الحياة تحت الضغوط المستمرة والإجهاد النفسي، واللجوء إلى معالجات سيئة كالإفراط في الأكل والتدخين والكحوليات، وما ينعكس على اضطرابات النوم، وقلة النوم عن المعدلات الصحية المطلوبة.
كل ما تقدم من سلوكيات غير صحية إما سببها فردي أو مجتمعي أو ضغوط الحياة العصرية ورتمها السريع، أو لأسباب اجتماعية واقتصادية وثقافية وتوعوية لعدم معرفة المخاطر الصحية من بعض السلوكيات والعادات اليومية المعيشية، أو نتيجة ارتفاع تكلفة الأغذية الصحية، وعدم وجود أندية رياضية، أو صالات رياضيات مختلفة في المتناول مكانيًّا وماديًّا، أو عدم وجود مضامير للرياضيات الهوائية متاحة للسكان، كل هذه السلوكيات غير الصحية مسؤولة عن العديد من الأمراض المزمنة المتعارف عليها والتي تسبب أعلى معدلات الوفيات والإعاقات، والنقص في متوسط الأعمار، وتستهلك معظم المخصصات المالية للقطاع الصحي وتستنزف معظم المدخرات الشخصية للإنفاق على علاج تلك الأمراض التي بالإمكان تجنبها بإرادة التحول للأنماط الحياتية الصحية التي تعزز جودة الحياة وتقلل عبء الأمراض الجسدية والنفسية، وبالإمكان إنجاز ذلك بالدعم المجتمعي والتوعية الصحية المجتمعية، وتنفيذ سياسات واستراتيجيات وبرامج توعوية بجميع الوسائل ومعززة بتشريعات وقوانين تعززها، وتكافح كل ما يأتي بعكسها أو يضلل المجتمع بما ينعكس عليه بالمخاطر الصحية.
والتحول للأنماط الحياتية الصحية يتطلب بيئات معيشية صحية نتطرق إليها بتوسع فيما بعد، وتحتاج إلى الخدمات الصحية المنوطة بأنماط الحياة، إن الأنماط المعيشية الصحية تجنب الأمراض، وتمد متوسط الأعمار، وتزيد في إنتاجية الفرد، وتحسن جودة الحياة، وتحقق التنمية والرفاه.