مقالات الرأي

خدعوكِ.. احتفلي 

بقلم/ عفاف الفرجاني

منذ يومين، عجَّت منصات التواصل الاجتماعي والصحف والقنوات بحدث قد يعتقد الكثيرون أنه مناسبة جديرة بالاهتمام تخص المرأة، دون وعي بأن هذا الاحتفال هو أكبر كذبة تعيشها المرأة في العالم دون استثناء.

قد يرجح البعض أن هذه المناسبة جاءت عقب أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945. جاء هذا الاتحاد مرادفًا للأحزاب الشيوعية وقتها، واعتمد هذا التاريخ يومًا للمرأة العالمي.

وهناك آخرون يرجعون ذلك إلى الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة. واتخذ هذا اليوم رمزية لذلك الحدث الذي أنصفت فيه الولايات المتحدة المرأة.

اليوم يتم التغاضي عن السمة السياسية التي تصحب هذا اليوم فيكون الاحتفال أشبه بعيد يحمل شعارات نسائية لا غير، في تقديري أن هذا العيد ما هو إلا تمييز وعنصرية مقننة لدغدغة مشاعر المرأة، وبخاصة في الدول المتقدمة، فالمرأة في هذه المجتمعات عبارة عن آلة للعمل الشاق والإنجاب وجلب المال.

من السخرية هناك دول كثيرة تعتبر هذا اليوم عطلة رسمية ومن بينهم أفغانستان!

حكومة قندهار الإرهابية التي تحتفل بهذا العيد، سجلت مستويات قياسية في العنف ضد المرأة، وازدادت وحشية هذا العنف في عام 2013. حسب الإحصائيات التي تبقى شحيحة وعلى فترات متباعدة، وسجل ارتفاع ضخم في عدد محاولات النساء الانتحار حرقًا، وهو آخر ما تلجأ إليه المرأة التي تتعرض لسوء المعاملة، وفق ما صرح به الحقوقيون، وهذا أحد أهداف الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية ضد طالبان، إلا أنه وخلال الحرب وأثناء وجودهم في أفغانستان زادت أعمال العنف ضد النساء من اغتصابات وجرائم شرف وعنف أسري، ففي عام 2012 سُجِّلت 240 حالة من جرائم الشرف، و160 حالة اغتصاب، ولكنَّ عدد حالات الاغتصاب والقتل بدافع الشرف أعلى من ذلك بكثير، وقد لا يتمُّ الإبلاغ عنها دائمًا.

مخطئ من يظن أن المرأة المهانة الأفغانية ذات البرقع، أو نساء العرب اللاتي يعشن في حيز من الصون والحرمة يصنفها الغرب بأنه الاضطهاد المجتمعي، إنما من تعيش الابتذال الحقيقي هي تلك التي تعيش في بلاد العم سام، استنادًا إلى أبحاث د. والكر الخبيرة في شؤون المرأة الأمريكية تبين أن 41% من النساء الأمريكيات أفدن أنهن كن ضحايا العنف الجسدي من جهة أمهاتهن، و44% من جهة آبائهن، كما بينت أن 44% منهن كن شهودًا لحوادث الاعتداء الجسدي لآبائهن على أمهاتهن.

فعلى الأقل هناك أربعة ملايين تقرير في حوادث العنف العائلي ضد المرأة كل عام، وقرابة 20% من هذه الحوادث حصلت في المنازل الأمريكية مبتدعي اليوم العالمي للمرأة السعيدة.

المرأة ليست محتاجة إلى إطلاق حملة البرتقالة كشعار لإنهاء العنف ضد المرأة. ورمزية للون مشرق ومتفائل يبهج المرأة، المرأة محتاجة إلى مشرع قانوني يستحدث أقصى أنواع العقاب ضد منتهكي حقوق المرأة، وأجهزة تنفيذية قادرة على مواجهة التحديات الاجتماعية والسياسية في المجتمع، فكرة المساواة في الحقوق والواجبات والحريات الشخصية التي تحتاجها المرأة مرهونة بالديمقراطيات في العالم، عندما تخرج المرأة من بوتقة السمسرة والاستهلاك، العالم في حاجة إلى أن يرفع يده عنا ليستفيد من تشريعاتنا الإسلامية العادلة وأحكامنا الثاقبة، ونظرتنا الإنسانية الراقية للمرأة، وفلسفتنا المثالية في الحياة تجاه المرأة.. وعندها لن تحتاج أمريكا إلى يوم امرأة ولا أفغانستان لإنقاذ النساء.

زر الذهاب إلى الأعلى