مقالات الرأي

إضاءات قانونية حول أحكام الوظيفة والموظف 

بقلم/ أسماء الفسي

تناولنا في نهاية المقال السابق شروط تولي الوظيفة العامة، وذكرنا منها أن يكون متمتعًا بالجنسية الليبية ومتمتعًا بكامل حقوقه المدنية، وكذلك أن يكون محمود السيرة وحسن السمعة، وألا يكون قد حكم عليه بعقوبة جنائية أو في جناية أو جنحة مخلة بالشرف، وألا يكون قد فصل من الخدمة بقرار تأديبي، وألا يقل سن المرشح عن ثماني عشرة سنة.

نأتي إلى ذكر الشرط السادس وهو أن يكون المرشح لائقًا صحيًا، إذ اشترط المشرع للمرشح للوظيفة العامة أن يكون متمتعًا باللياقة الصحية التي تؤهله إلى القيام بأعباء وظيفته وذلك وفقًا لما جاء في المادة 41 من اللائحة التنفيذية لقانون علاقات العمل، غير أنه يلاحظ أن اللياقة الصحية تختلف من وظيفة إلى أخرى، فمن لا يكون لائقًا في وظيفة ما قد يكون لائقًا في أخرى، وهذا يعتمد على طبيعة ونوع الوظيفة وظروفها وبيئتها، وكذلك من أهم شروط شغل الوظيفة أن يكون المرشح متوفرًا فيه المؤهلات العلمية التي تمنحه كفاءة للقيام بالوظيفة، حيث تم تحديد الدرجات الوظيفية التي تلائم كل مؤهل علمي يتحصل عليه المتقدم للوظيفة، وذلك وفقًا للقرار رقم 103 لسنة 2008 الذي لا يزال ساريًا حتى الآن، وهو خاص بقواعد التعيين، وهذه المؤهلات وردت على سبيل الحصر في القرار المشار إليه وهي: شهادة حفظ القرآن الكريم، شهادة التعليم العالي أو الجامعي، شهادة التعليم الثانوي أو ما يعادلها، الشهادة الإعدادية الفنية أو ما يعادلها، شهادة مراكز التلمذة الصناعية ومراكز التدريب الفني، الشهادة الإعدادية العامة أو ما يعادلها، والشهادة الابتدائية أو ما يعادلها بما في ذلك الشهادات المعادلة التي تمنح لمن جاوز سن الإلزام.

وأخيرًا اشترط المشرع في المرشح شغل الوظيفة أن يجتاز الامتحان المقرر لشغل الوظيفة، إذ إن التعيين في الوظائف العامة يجب أن يكون على أساس استحقاق الأجدر والأكثر كفاءة، تحقيقًا للصالح العام، وعلى ذلك نصت المادة 132 من قانون علاقات العمل على (يرتب الناجحون في الامتحان حسب الأسبقية في درجات النجاح، وعند التساوي يقدم الأعلى مؤهلًا فالأقدم تخرجًا فالكبير سنًّا، ويتم التعيين بحسب ترتيب النجاح).

نأتي إلى أهم ما يتعلق بالوظيفة والموظف والتوظيف وهي المتغيرات التي تطرأ على الموظف أثناء مدة خدمته مثل النقل والإعارة والندب، وسوف تتم الإشارة إليها في سلسلة متلاحقة، وستكون ملحقة بها بعون الله بعض أحكام القضاء. 

أولا: النقل: بمفهومه العام هو التحاق الموظف بوظيفة أخرى، إما في ذات الوحدة الإدارية التي يعمل فيها، أو في وحدة إدارية أخرى غير التي يعمل فيها، وحيث إن علاقة الموظف العام بإدارته هي علاقة تنظيمية لائحة تنظيمية ومن ثم فإن المركز القانوني للموظف يجوز تغييره في أي وقت، إذ أجاز القانون للإدارة نقل الموظف من وظيفة إلى أخرى بشرط أن يكون بذات المرتب والدرجة، وهذا ما جاء به نص المادة 149 من قانون علاقات العمل التي حددت فيها شروط النقل وأحكامه، إذ أجازت هذه المادة نقل الموظف ولمقتضيات المصلحة العامة نقل الموظف إلى وظيفة أخرى شاغرة، إما داخل الوحدة الإدارية أو في وحدة إدارية أخرى وفقًا للشروط التالية: أن يكون مستوفيًا للشروط اللازم توافرها لشغل الوظيفة المنقول إليها الموظف، وأن يكون النقل داخل المجموعة الوظيفية النوعية الواحدة، وتكون درجة الموظف المنقول من ذات الدرجة المخصصة للوظيفة المنقول إليها، كما اشترطت ذات المادة ألا يفوت هذا النقل على الموظف المنقول فرصة الترقية خلال سنة من تاريخ النقل ما لم يكن النقل بناءً على طلب الموظف المنقول أو بسبب إلغاء وظيفته من الكادر الوظيفي، وأن يكون قرار النقل من وحدة إدارية إلى وحدة إدارية أخرى من الجهة المنقول إليها بعد موافقة الجهة أو الوحدة الإدارية المنقول منها الموظف. 

إذًا يُفهم من هذه النصوص أن النقل هو سلطة تقديرية للإدارة، فالإدارة تمتلك بموجبها سلطة تقديرية واسعة في نقل موظفيها من وحدة إدارية إلى وحدة إدارية أخرى ولها حرية تقدير ظروف العمل ومقتضياته لذلك، وحكم للمحكمة للعليا فيما يتعلق بالسلطة التقديرية للإدارة في نقل موظفيها صدر بتاريخ 1965/6/12 حيث جاء فيه أن المستقر في الفقه والقضاء الإداري أن قرارات نقل الموظفين إنما تستقل بها جهة الإدارة بمطلق الحق في إصدارها، لأن لها دون غيرها تقدير ظروفها والاسترشاد بما تراه من الاعتبارات المؤدية لها حسبما تراه مناسبًا لصالح العمل، وإنه ليس للموظف إزاء تنظيم العمل داخل الإدارة وما يقتضيه الصالح العام من تنسيق وتوزيع الاختصاصات حق مكتسب في تقلد وظيفة معينة دون أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى