ملفات وتقارير

اكتشاف أثري مثير في برقة.. كهف يحكي قصص ما قبل التاريخ

متابعات -الموقف الليبي

في بقعة هادئة من شرق بنغازي، حيث تمتد الطبيعة في أحضان التاريخ، استيقظت الرمال والصخور على سر ظل دفينًا لآلاف السنين. هنا، في وادي جازا، وبين كثبان المليطانية، عاد الزمن ليكشف عن صفحات من ماضٍ لم يطأه البشر منذ أزمان بعيدة. في ذلك اليوم، السابع عشر من فبراير 2025، كان الباحثون يتتبعون خيوط الحضارات القديمة، لم يكونوا يعلمون أن القدر يخبئ لهم كنزًا من النقوش التي ستغير فهمنا لعصور ما قبل التاريخ في ليبيا.

رحلة البحث عن الحقيقة.. كيف بدأ الاكتشاف؟

بينما كانت عدسات الكاميرا توثق تضاريس وادي جازا الفريدة، كان أبناء المنطقة يقودون الباحثين في ممرات ضيقة، حيث تشير التقاليد إلى وجود مواقع أثرية غير مستكشفة. وما إن اقترب الفريق من كهف مظلم حتى بدأت الصور تروي حكايات من الماضي، لم تكن جدرانه مجرد حجارة، بل لوحات تحكي عن حياة ما قبل التاريخ، حيث غزلان كانت تركض، وأسود تجوب الأرض، وطيور ملونة كانت تملأ السماء، بعضها انقرض منذ قرون طويلة.

ماذا تخبرنا النقوش؟ رحلة إلى أعماق الزمن

عند تحليل النقوش، اكتشف العلماء أنها ليست مجرد زخارف صخرية، بل نافذة تطل على عالم قديم. إذ تعكس هذه الرسوم البيئة التي كانت سائدة قبل آلاف السنين، حيث ازدهرت الحياة البرية في مناطق ليبيا، وكان المناخ مختلفًا عن اليوم. تفاصيل دقيقة لنمورٍ وغزلان وطيور نادرة تعيد تشكيل صورة لمجتمع عاش في وئام مع الطبيعة، قبل أن تتغير الظروف وتختفي هذه الكائنات من المشهد الليبي.

يقول الدكتور خالد الهدار، أحد الباحثين المشاركين في إعادة الاكتشاف: “النقوش هنا تختلف عن أي شيء رأيناه سابقًا، بعض الرموز توحي بوجود تواصل ثقافي بين الحضارات القديمة. هذا قد يكون مفتاحًا لفهم أوسع لتاريخ شمال إفريقيا!”

أهمية الاكتشاف.. ماذا يعني هذا لليبيا؟

لا يتعلق الأمر فقط بالرسومات، بل بتوثيق تاريخ لم يكتب من قبل. كنوز برقة الأثرية تضيف صفحة جديدة إلى سجل الحضارات التي سكنت المنطقة. ومع استمرار الدراسة، يأمل الباحثون في كشف المزيد عن طرق حياة الليبيين القدماء، أساليب صيدهم، وحتى معتقداتهم التي ربما انعكست في هذه النقوش.

من جهتها، أعلنت مراقبة آثار توكرة أن الموقع سيخضع لمزيد من التوثيق والدراسات، للحفاظ عليه كجزء من التراث الليبي.

إعادة رسم خريطة التاريخ

مع كل اكتشاف جديد، تعيد ليبيا تأكيد مكانتها كمهد لحضارات عظيمة. كهف وادي جازا ليس مجرد موقع أثري، بل بوابة إلى عصور قديمة، وصوت لأولئك الذين عاشوا هنا قبل آلاف السنين. وربما، مع استمرار البحث، ستكشف الصخور المزيد من الأسرار التي تنتظر أن تُروى للعالم

زر الذهاب إلى الأعلى