مقالات الرأي

يوم المرأة العالمي وصحة الليبية

د.علي المبروك أبوقرين

عانت جداتنا وأمهاتنا أجيال ما قبل الخمسينات من الفقر المدقع والأمية والأمراض بجميع أنواعها، وقضت الأمراض على نسب عالية من نسائنا نتيجة الأوبئة، ووفيات الحمل والولادة ، وخسرنا العديد من المواليد لانعدام الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية، واعتمدن معظم القرن العشرين على العلاجات التقليدية والعشبية، والولادات المنزلية والكثير منها بدون قابلات.

لهذا كانت المشاكل الصحية كبيرة وكثيرة ، والوفيات نسبتها عالية في الامهات والمواليد، وضحايا الجدري والكوليرا والسل والتيفوئيد والحصبة والامراض المعدية كانت كثيرة، وعانت نسائنا العظيمات من ويل الاستعمار والحروب والمعتقلات الجماعيه والتهجير داخل البلاد وخارجها.

شاركت المراة الليبية الرجل وهي ابنة وزوجة وأم في الزراعة والحرف اليدوية ، وتحملت أعباء حياتية شاقة ومضنية، ومع نهايات الستينات اتيحت لهن فرص قليلة في التعليم مقصورة في بعض المدن ، وشيدت بعض المدارس للبنات، وانخرطت أعداد بسيطة في التمريض، وسافرت بعضهن بأعداد أقل لتعلم الطب.

ومع العقد السابع أنطلقت المشاريع التنموية مدارس ومعاهد وجامعات وانخرطن الليبيات بحماس وشغف ورغبة جامحة في التعليم، وتحسنت الأحوال الصحية بتشييد المستشفيات والمراكز الطبية التخصصية والمستوصفات.

يشكلن الليبيات النسب الأعلى في القطاعات التعليمية والصحية والإعلامية، ولا تخلو منهن مهنة أو وظيفة مهما كانت خطورتها أو مشاقها ، هاهن مهندسات وعالمات وباحثات وأكاديميات وطيارات وضابطات بالجيش والشرطة والأمن ، وجزء كبير منهن يَعُلُن أسرهن ويراعين ابائهن وأمهاتهن ، وللأسف بعد الأحداث الأخيرة والصراعات والاحتراب فقدن الكثير منهن أبائهن وأزواجهن وأبنائهن ، أو يعلن ضحايا تلك الاحداث الصعبة من لهن حق عليهن.
ونتيجة لتراجع الخدمات الصحية وفقدان الحماية الاجتماعية، ومعظم الخدمات الصحية النسائية المتخصصة لم يعد لها وجود بالمرافق الصحية العامة، وأصبحن مجبرات على الخدمات الصحية الخاصة والغير مكتملة والغير معتمدة والمكلفة جدأ، وزادت نسب القيصريات والأخطاء والاخطار على الأمهات والأجنة والمواليد ، وزادت حالات الأورام والأمراض المزمنة والمستعصية نتيجة إنعدام الخدمات الصحية الاستباقية والوقائية والكشوف المبكرة ، وإنعدام الخدمات الصحية المتكاملة والمتطورة والموثوقة خبرة وكفاءة ونتائج ، مع إغراق الأسواق بالأدوية المزيفة والمغشوشة، ومراكز الخدمات النسائية الغير معتمدة ، والحصار المحموم للنساء الليبيات من دعايات وإعلانات طبية تجارية تساهم في تدمير صحهتن.

وتزامنا مع تراجع التعليم والتدريب الطبي والفني والتمريضي، وأنعدمت تماما الفرص الجيدة لليبيات المتميزات بالذكاء والجدية والرغبة في أن يتقدمن الصفوف ويخضن كل التخصصات الطبية الدقيقة ، وصرن حبيسات برامج تعليمية متأخرة جدا ، وشهادات لا قيمة لها مهنيًا .

ولهذا وبمناسبة يوم المرأة العالمي على المرأة الليبية العظيمة أن لا تفرط في حقها في التعليم المتميز والمتقدم ، والصحة بجودة عالية اسوة بالدول المتقدمة ، وحقها في أن تتوفر لها خدمات صحية حديثة فردية ( شخصية) ومنزلية وأسرية ، وعيادات نسائية متطورة ومتكاملة تقدم جميع الخدمات الصحية، والدعم النفسي والاجتماعي ، وتكون بجوارها ويسهل الوصول اليها ، والتواصل معها والحصول عليها ، بنظام صحي قوي وفعال ومنصف ، الكتروني ومرقمن وافتراضي ، يغطي الخدمات الصحية لدورة الحياة الكاملة والمتواصلة مع الأجيال ، ويمنع الأمراض قبل حدوثها ، ويشخصها استباقيا ، ويعالج الأمراض بدقة وآمان وسلامة وكرامة تعلو فيها القيم الإنسانية ، بإمكانيات كبيرة وحديثة ومتطورة ، وكوادر مؤهلة وفق متطلبات المهنة ومعايير الجودة وما وصل اليه العلم والعصر ، وما هو متوفر في أرقى الدول المتقدمة طبيًا ، وضرورة حماية المرأة الليبية بشبكات حماية اجتماعية واقتصادية ، ويوفر لها كل الدعم الاقتصادي والنفسي.

وتكثيف البرامج التوعوية الصحية والتربوية للأمومة والطفولة وكل ما تحتاجه المرأة لصحتها وصحة أسرتها ، وأن تتاح للطبيبات فرص التعليم والتدريب الطبي والتخصصات في جامعات متقدمة عالميًا ، وأن يرتقي بالتمريض الليبي بما لا يقل عن المعاهد العليا والكليات ويتم الغاء ما دون ذلك ، وتجسير الموجود منهن ورفع كفاءتهن .

ومضاعفة اعداد الكوادر الطبية النسائية لتغطية النقص الحاد والاكتفاء الذاتي بالعناصر الوطنية المؤهلة ، إن الاهتمام بصحة المرأة الليبية ينعكس على صحة المجتمع والأمة .

نهنئ ونبارك للمرأة الليبية العظيمة كل يوم وكل عام وما دامت الحياة.

زر الذهاب إلى الأعلى